رامي جلال يكتب | عيد الميلاد المجيد .. يوم طويل جدًا

0

أيامنا الجميلة هي تلك التي لم نعشها بعد، فماذا عن أيامنا الطويلة؟ أطول يوم يمر على كواكب مجموعتنا الشمسية هو اليوم على كوكب المريخ الذي يبلغ ما يوازي أكثر من عامين أرضيين. أما على كوكب الأرض نفسه، فإن أطول يوم تاريخي هو يوم غزو الحلفاء لشاطئ نورماندي الفرنسي في أثناء الحرب العالمية الثانية في الخامس من يونيو عام 1944. وهو التوصيف الذي رسخت له السينما العالمية بفيلم أمريكي حمل العنوان ذاته “أطول يوم في التاريخ، قدمه ثلاثة مخرجين وعُرض بثلاث لغات. حررت معركة نورماندي فرنسا من الحكم النازي ومن ثم تم تحرير باقي أوروبا. أما في مصر، فقد اعتبر البعض أن أطول يوم في تاريخها هو الثاني والعشرون من يوليو عام 1952، وهو اليوم السابق للثورة المصرية، وما وقع به من أحداث متشابكة.
لكن اليوم الأطول الذي عاشته البشرية بالمعنى الحرفي هو يوم ساوى عشرة أيام! وأصل القصة أنه حين أراد المسيحيون أن يختاروا يومًا ليحتفلوا فيه بميلاد سيدنا عيسى عليه السلام، وقع اختيارهم على يوم الخامس والعشرين من شهر ديسمبر؛ لأنه فلكيًا يتمتع بأقصر الليالي وأطول الأنهُر، في إشارة رمزية لإشعاع نور سيدنا عيسى عليه السلام. وقد تم هذا الاختيار عام 325م في مجمع نيقية (وهو فعالية تمت في مدينة “نيقية” بآسيا الصغرى، ضمت كل ممثلي الكنائس على مستوى العالم لاتخاذ بعض القرارات).
بعد اثني عشر قرنًا تنبه العلماء أن هذا اليوم لم يكن هو الأطول كما يظنون، ومرد هذا الخطأ أنهم ظنوا أولًا أن العام يساوي تمامًا 365 يوم وست ساعات، بينما الحقيقة أنه يقل عن ذلك بحوالي اثني عشرة دقيقة. وهنا حدثت مشكلة لأن تراكم تلك الدقائق خلال هذه القرون كان يساوي عشرة أيام، وهنا كانت المفارقة، إذ قرر البابا غريغور، بابا روما، أن يحذف عشرة أيام من التقويم الميلادي دفعة واحدة، فتحول يوم الخامس من أكتوبر من العام 1582 إلى يوم الخامس عشر من الشهر نفسه! وذلك في كل أرجاء إيطاليا، وسمي هذا التقويم بالغريغوري. بعد ذلك بدأت الدول الأوروبية تأخذ بهذا الأمر تباعًا.
وصل الموضوع مصر في أواخر القرن التاسع عشر، وكان فارق الحساب قد بلغ ثلاثة عشر يومًا. والأصل أن عيد الميلاد ميعاده يوم التاسع والعشرين من شهر كيهك، وهو الشهر الرابع من التقويم القبطي (تقويم نجمي)، وكان يوافق في التقويم الميلادي يوم 25 ديسمبر (تقويم شمسي)، لكن مع الإزاحة أصبح يوازي السابع من يناير، فالتقويمات الشمسية والقمرية متغيرة، لكن التقويم النجمي ثابت لا يتغير. وهذا هو سبب احتفال الشرقيين بموعد ميلاد مختلف عن أقرانهم الغربيين. وبالمناسبة فإن هذا اليوم نفسه يتحرك ببطء، وفي أوائل القرن القادم سوف يوافق عندنا في الشرق، يوم الثامن من يناير، وليس السابع منه، ولكن هذه قصة أخرى!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.