ربيحة الرفاعي تكتب | بين نيرة أشرف وإيمان إرشيد
هل نحن متفاجئون حقا مما يجري؟ يلح على رأسي السؤال بعنف منذ صفعت روحي بعنف تعليقات وقحة على ذبح البريئة نيّرة عند بوابة جامعة المنصورة في مصر، فوق ما صفعتها الجريمة ببشاعتها، وقبل أن تتلقفني وروحي المجهدة الدنيا بصفعة جديدة صباح اليوم، بإقدام شاب آخر على ذبح بريئة أخرى برصاص مسدسه عند بوابة جامعة العلوم التطبيقية في الأردن.
“شو السيرة؟ هي الناس انجنت؟” بهذا السؤال الذي وجهته لي صديقتي عبر الواتس آب علمت بالجريمة، وبه وقعت في خضم تساؤلات لا أول لها ولا آخر، فهل جن الناس فعلا؟ ومن وما الذي أوصلهم للجنون؟ وهل للإنسانية بوابة رجوع من هذا الحضيض؟
حين يخرج علينا المعممة رؤوسهم او المعممة عقولهم ليتهموا لباس المرأة وسفورها بالمسؤولية تتضح بعض ملامح أسباب الهوس الذي أصاب الناس، وحين نتأمل ببعض تحقق ما حولنا ندرك جريمتنا فيما هو كائن، فهذا بعض حصاد واقع مؤسف صنعناه بانفسنا بالتقصير العام في بناء وعي الجيل وإطلاق حبل على غاربه لمن يجتهدون في تلويث فكره وروحه..
نحن مقصرون على مستوى التوجيه الأسري ومراعاة ما يرى ابناؤنا ويسمعون في أسرهم عن أسرهم ومحيطها وعن الدنيا من حولها..
ومؤسساتنا التعليمية و التربوية مقصرة على مستوى وضع المناهج واختيار محتواها وآليات تعليمها ومتابعة توجهات وأداء الطواقم التعليمية، والطواقم الأمنية فيها.. وإعلامنا مقصر على مستوى اختيار محتوى ما يقدّم، وما يغرس في وعي الجيل وضميره..
وقبل ذلك وبعده فإن الدولة مقصرة بكل أجهزتها الرسمية وليس جهازها الأمني فقط، بتراخيها أمام عناصر مؤدلجة في مواقع المسؤولية فيها، توظف مناصبها لخدمة ايدلوجياتها ” وأجندات ” مراكز انتمائها، بتراخيها أمام البطالة المقنعة والتقصير الوظيفي في كل مؤسساتها بما يخلق هيجانا مجتمعيا يلاقي غايته في جيل لقّم البشاعة عبر كل ما تقدّم، بتراخيها أمام المماطلة المموجة في قضايا التعديات المتكررة على النساء وعلى الطوائف الأخرى وعلى كل مختلف تحرشا وإيذاء؛ بلغ الذبح .. الدولة مسؤول أول بزعمي لمسؤوليتها عن كل ألوان التقصير سالفة الذكر وليس عن تقصيرها وحدها.
السلام والرحمة لروحي نيرة وإيمان، ولأرواح من سبقنهن على طريق ممهد للجناة بدونية النظرة للمرأة، وتعظيم قدر الذكور لمجرد ذكورتهم أيا ما كانت اخلاقهم ومستوياتهم الفكرية والسلوكية.