رحاب عبدالله تكتب | إلغاء حفل ترافس سكوت.. فضيلة أم خطيئة؟

0

خرجت نقابة المهن الموسيقية منذ أيام لتعلن إلغاء ترخيص حفل مطرب الراب الأمريكي الشهير ترافس سكوت لمخالفته لتقاليد وعادات الشعب المصري، بعد تداول الأنباء حول شهرة المطرب الأمريكي بالانتماء للماسونية ولحركة الأفروسنتريك التي تنال من التاريخ والحضارة المصرية العظيمة.
استقبل الألاف ليس من مصر فحسب بل من العالم أجمع الخبر بترحاب وتأييد شديديين واعتبروه انتصارا للأخلاق والقيم.. ولكن هل هو حقا قرار صائب؟، هل مردوده على بلادنا سيكون جيدا؟.. دعونا نفكر بعقلانية في نتائج مثل هذا القرار.
في البداية لست ضد حرص نقابة المهن الموسيقية على قيم وثقافة مجتمعنا ولكن تلك الخطوة كان يجب أن تكون من البداية وليس بعد أن أعلن المطرب عن حفله ودفع الآلاف ثمن التذكرة وحجزوا الفنادق والطائرات للحضور وتم طبع الإعلانات.. ثم يخرج قرار الإلغاء.
هل فكرنا في موقف الألاف من الأجانب الذين يقفون حاليا مكتوفي الأيدي لا يعرفون مصير الأموال التي دفعوها لحجز الفنادق وتذاكر الطيران وهل سيأتوا لمصر أم لا؟.. هل فكرنا ما هو رد فعلهم تجاه بلادنا فيما بعد.. هل فكرتم من من المطربين أو الفنانين الأجانب سيفكر في القدوم لعمل حفل أو تصوير فيلم في مصر يروج لبلادنا وللسياحة ويرفعنا لمصاف الدول في هذا القطاع الذي لولا مثل تلك التصرفات لما كان لنا منافس، وهو لا يدري ربما يستيقظ ليجد إلغاء لتصريح حفله أو فيلمه في بلد بالنسبة له لا تراعي موقفه.
إذا كنا نريد حقا الانتصار للأخلاق والقيم فعلينا أن نتحرى جيدا عن أي حفل يتم الإعداد له من قبل منح الموافقة الأولى وليس بعد أن تتكبد الشركة المنتجة طبع الدعوات وبيع التذكر ويحجز الحضور الفنادق وتذاكر الطيران ثم نتذكر فجأة أن هذا المطرب تتنافى حفلاته مع ثقافتنا وأخلاقنا وكأن ترافس سكوت تتحول للماسونية وانضم للأفروسنتريك بعد ان بيعت تذاكر حفلته.. كان يجب أن نقول لا من البداية وليس الآن.
السؤال الذي يتبادر للأذهان الآن هو ما الحل؟.. والموضوع ببساطة أن يتم إعلام الشركة المنتجة والمنظمة بقواعد الحفل وأنه غير مسموح في مصر بتناول المخدرات في الحفلات أو الترويج لأي أعمال ماسونية أو شغب أو غيره وأن يكون الحدث قاصرا فقط على حفل موسيقي يطلق من خلاله سكوت ألبومه” يوتوبيا” كما هو معلن، وأن تكون هناك فرق أمن مصرية داخل الحفل للتأكد من سيره كما يجب، ثم في المرات التالية لا نمنح أحد تصريح قبل التأكد من هويته وأفكاره.. ولكن إلغاء حفل بهذا الحجم والشهرة في مثل هذا التوقيت هو كارثة على سمعة بلادنا ومردوده لن يكون محتملا وسيعيدنا أميال إلى الوراء بعد أن حققنا طفرة في قطاع السياحة بعد حرب شرسة نجحنا فيها رغم كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والأوضاع الاقتصادية العالمية ليأتي مسئول بقرار غير مدروس ويهدم ما بنيناه لأنه أدرك مؤخرا أن الحفل منافي لثقافة المجتمع.
علينا أن نحكم العقل وأن ننظر للأمور بطريقة أوسع من من زاويتنا الضيقة وندرس مردود أي قرار على بلادنا ونعلم أن هناك ثقافات أخرى وعقول أخرى خارجة عن ثقافتنا وفكرنا تقيم قراراتنا فإما أن نقول لا من البداية أو نتحمل نتيجة أخطائنا ونحاول تخفيف الأضرار قدر الإمكان دون الإضرار بسمعة الوطن.
إن تنظيم مثل تلك الحفلات في بلادنا يتبعه ألاف السياح الذين سيأتوا للإقامة لدينا أسبوع على الأقل ينفقون بالعملات الأجنبية التي نسعى لتوفيرها حاليا.. بخلاف أن خروج الحفل بصورة لائقة سيجعلنا وجهة عالمية لمختلف الحفلات ولتصوير الأفلام والأعمال الفنية التي ستكون باختصار” دعاية مجانية” لبلادنا.. فبلاد كثيرة لا تملك عُشر آثارنا أو تاريخنا حققت طفرة في ذلك المجال وصارت وجهة عالمية وحلم لملايين السياح من خلال صورتها في الأعمال الفنية والدرامية.. لذلك ليس في صالحنا أن تتهرب منا شركات الإنتاج والفنانيين العالميين، وإن كنا أخطأنا في الموافقة من البداية على منح ترافس سكوت تصريح الحفل فلنصلح أخطائنا بمعزل عن سمعة بلادنا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.