سالم وريوش الحميد يكتب | أدب الطفل ونشر الثقافة

0

أدب الأطفال هو أدب حديث النشأة، في القديم لم يكن أدبا مكتوبا بل كان يعتمد على القص المحكي، ولم يكن أدب تسلية فحسب بل هو أدب تعليمي وجد لتحفيز الأطفال على اكتساب المعارف والعلوم وكان الأدب المدرسي له دور كبير في تقدمه بل إعطاءه الصيغة العلمية التربوية كما أن علم النفس الذي يهتم بالطفل أكد على الدور الذي يلعبه الأدب في تكوين شخصية سوية ومكتملة. وقد قسم الطفولة حسب التدرج العمري إلى مجموعة من المراحل التي تنمو فيها شخصيته والتي يمكنها أن تنمي أحاسيسه ومشاعره فمن مدارك حسية حركية بسيطة إلى التخيل وخزن التجارب وإلى تراكم الخبرات، ثم إلى التمييز بين ماهو واقعي وما هو خيالي، حتى تكتمل مراحل نموه السيكولوجي ليستقل بذاته ويكون له شخصية خاصة ذات ملامح مستقلة ولكل مرحلة من هذه المراحل أدب يتفق و نموه العقلي والنفسي.
أدب الطفل هو الأساس الذي يمكن أن تبنى عليه كل الثقافات الأدبية مستقبلا ،وإن الغرس الجيد يأتي بثمر جيد وأرى إن الثقافة لابد أن يهتم بها منذ الطفولة إذ لا ثقافة بلا مرتكزات بنائية وأسس وطيدة يعتمد عليها. أدب الطفل له دور كبير في نشر الثقافة و المعتقدات والقيم الدينية وترسيخ الفكر التربوي في ذهن الأطفال، وكذلك في تطوير الذائقة الأدبية عنده، وزيادة الوعي والكسب المعرفي ، ويمكن أن تبنى عليه أهداف تربوية وتعزيز قيم عليا ومثل وخصال حميدة وهو مهم جدا في التطور الديناميكي السيكولوجي للطفل من خلال تنمية الحواس والمشاعر.
ظهر أدب الطفولة في نهاية القرن الخامس عشر في أوربا في حين أن العرب سبقوا الأدب الأوربي بإيجاد أدب شبيه بأدب الطفل ويمكن الاستفادة من مواده للتبسيط وجعلها كأدب طفولة مثل القص في القرآن سيرة ابوزيد الهلالي وعنتره بن شداد وألف ليلة وليلة وكليلة ودمنه لما فيهن من محاكاة لعقلية الطفل وبأسلوب شائق فيوجد الوحوش والجان والحيوانات وهو ما يتفق مع مدارك الطفل الحسية. أن أدب الطفولة في الملتقيات الأدبية لم يضع أساسات متينة يمكن أن تعتمد كأسلوب علمي لثقافة الطفل. ولم تصل النتاجات الأدبية إلى النتائج المرجوة منها، في الماضي القريب كانت هناك عدد من المجلات والدوريات التي تعنى بأدب الطفل وكان لها تأثيرها في تنمية الذائقة الفنية وتطوير الحس الثقافي وزيادة المعارف لدى النشء لكننا اليوم نجد مثل هذه المجلات معدومة. أو إن بريقها أخذ يخبو يومًا بعد يوم. العيب في اعتقادي ليس في دور النشر أو المؤسسات الثقافية وإن كانت تتحمل بعض من القصور العيب في العائلة والمدرسة ، لأن تنمية المشاعر والإحساس بالمادة الأدبية يكاد يكون معدومًا، فالعائلة لا تشجع اقتناء الكتاب ولا إنشاء مكتبة خاصة للطفل في البيت، بل يسارع الأب إلى شراء الألعاب الالكترونية وما تحمله من أسلوب تدميري للنزعات الإنسانية للطفل بتشجيعها على القتل والموت والتدمير.
وفي مدارسنا اليوم فقدت الكتب المدرسية روح المتعة والجذب والتعلم تلك المدرجة ضمن المنهج التعليمي في و لا تراعى فيها قدرات الطالب التخيلية والادراكية مثل هذه النصوص والتي تفتقد لعنصر الجذب للطالب. وإن وجد في بعض من هذه المواضيع لا تجد المدرس الكفء الذي بإمكانه توصيل المنهج التربوي. المدرسة يجب أن تساهم بشكل مباشر في إنماء الروح الأدبية لدى الطفل ، توزع مثلا قصص بما يتلائم والمرحلة الدراسية للطالب يجري قراءتها ومن ثم مناقشتها ومعرفة مدى استيعاب الطالب لهذه النصوص وتنمية روح البحث العلمي لديه. الإنشاء المادة الرئيسية في دروس اللغة العربية تجد المدارس لم تعد تهتم به ومن خلال متابعتي للطلاب لم أجد طالبًا يطلب منه أن يكتب موضوعًا إنشائيًا لذا فهناك تخلف كبير في الدراسة الحالية.
من أسباب عدم تطور أدب الطفل لا توجد منافع مادية أ ومعنوية لدفع الكاتب للكتابة حتى أن البعض يعيب على الكاتب كتابة قصص للأطفال معتبرا إياها أدبًا سهلًا… في بريطانيا تعتبر الكاتبة البريطانية ج ك رولينغ كاتبة مجموعة هاري بوتر صاحبة أكبر أجر في العام حيث وصل أجرها 300ميون دولار حيث بيعت 375مليون نسخة من كتبها أن مجموع كل الأدباء العرب لم يحصلوا على جزء من هذا المبلغ.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.