سامي جعفر يكتب | إعلان حرب

0

مع اشتعال الأوضاع في الشرق الأوسط، والتوقعات باستمرارها على المدى القريب، يجب التعامل مع هذا الوضع وكأن مصر في حالة حرب، حتى تتجنب البلاد التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتوقعة، خصوصا مع اقتراب عدد السكان من الـ120 مليون نسمة والفجوة التمويلية والمحاولات الدولية لمحاصرتها وفرض سيناريوهات مقلقة عليها.
ويعتمد اقتصاد الحرب على تنظيم قدرات الدولة خلال فترة الصراع بإجراء تعديلات عميقة على الاستهلاك وأولويات الإنفاق، ما يؤدي في النهاية إلى تنظيم الاقتصاد ورفع مستوى التعليم والصحة وزيادة الإنتاج وكفائته.
وفي بلد مثل مصر ليس طرفا مباشرا في الحروب الدائرة بالمنطقة يؤدي هذا الإجراء إلى قفزة ونقلة نوعية في جميع مجالات الاقتصاد، مع تنظيم المجتمع الغارق في العشوائية والممارسات الفاسدة، وتوجيه ضربات مؤثرة ضد المتلاعبين بالسوق.
وبجانب الخطوات الاقتصادية، يجب الانخراط بصورة أكبر في الصراعات بدلا من تجنبها، لتحقيق قيمة مضافة اقتصاديا وسياسيا لمصر، خصوصا أن البلاد أصبحت محاصرة ببؤر توتر قاصمة للظهر لتأثيرها المباشر والسريع على الدخل القومي ما يعجل البلاد في مهب الريح كما يقيد حركة القيادة في اتخاذ القرارات المصيرية.
الوضع المتوتر في المنطقة ومحيط مصر رغم صعوبته هو فرصة ذهبية لتحقيق الانطلاقة وهو أمر معروف كجانب إيجابي للحروب، وروسيا مثال واضح إذ حققت خلال عامين من حربها ضد الغرب في أوكرانيا نمو اقتصاديا وتقدما صناعيا جعل الرئيس فلاديمير بوتين يعلن بلاده القوة الاقتصادية الخامسة عالميا كما فاقم الأوضاع الاقتصادية في أوروبا التي تحولت إلى تكتل ضعيف.
قد يتخوف البعض من فكرة التحول لاقتصاد الحرب لكن جميع المؤشرات تذهب إلى أن العالم سيدخل في صراع طويل وصاخب خلال الفترة القليلة المقبلة خصوصا حال فوز الرئيس الأميركي جوزيف بايدن بولاية ثانية، وهو وضع يتطلب الاستعداد بقوة حتى لا تؤثر فينا الضغوط أو التقلبات في التحالفات العالمية.
وتتطلب حالة اقتصاد الحرب إعادة النظر في تحلفات مصر ومراجعة قائمة أصدقائها، وفرزها بدقة والذهاب بأقصى سرعة إلى تحقيق المصالح المباشرة للـ120 مليون مصري، وهو ما يتطلب تحويل المجتمع نفسه إلى قيمة مضافة بجانب اتخاذ خطوات لتخفيف الأعباء عن الميزانية مثل الأنشطة الاستهلاكية مع هيكلة الإنفاق على التعليم والبحث العلمي والصحة والتركيز على قطاعات إنتاجية ومنح حوافز لرأس المال المحلي ليكون جزءا فاعلا ومؤثرا في التنمية، مع اقتحام أسواق جديدة خصوصا في أفريقا التي يجب أن تتحول إلى حديقة مصرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.