سامي جعفر يكتب | عندما تضيق الأرض.. ما الذي على الدول فعله؟

0

على مصر الاستعداد بجدية للسنوات الصعبة المقبلة، بسبب التحول في بنية النظام العالمي الجديد لحسم الطرف المهيمن على العالم ما يفجر صراعات تضغط على الاقتصاد العالمي والاقتصاديات الناشئة في دول مثل مصر.
ولا أحد يمكنه التكهن بنتيجة هذا الصراع المتداخل والمعقد لكنه سينتج سلسلة من الحروب مثل الجارية في أوكرانيا وتايوان والقطب الشمالي كما هو متوقع وقد تمتد ألسنة اللهب إلى دول جوار روسيا وأوكرانيا خصوصا تلك التي لم تنضم بعد إلى عضوية حلف الناتو.
ومن المتوقع تفاقم الأوضاع في الدول التي تعاني من هشاشة نظامها الاقتصادي، ما يلقي أعباء مريرة على الحكومات والشعوب معا وفي حال غياب الرشادة السياسية والاجتماعية ستعيش هذه الدول سنوات من الفوضى والمعاناة المعيشية.
وفي مثل هذه البيئة القلقة المتفجرة على الدولة في بلد مثل مصر حشد قواها ليس لمجرد العبور من هذا المأزق ولكن لتحسين الاقتصاد ووضع قواعد صارمة للسوق الداخلي وتحسين المؤشرات الاقتصادية والعبور من حالة اللاقوة واللاضعف.
المسألة هنا ليست جذب استثمار أجنبي لترميم الفجوة التمويلية التي وصلت إلى 22 مليار دولار أو رفع مستوى دخل قناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج وغيرها من التحركات التقليدية ولكن على الدولة قبل الحكومة تنفيذ خطوات الاصلاح الاقتصادي بصرامة والقضاء على البيروقراطية المتحالفة مع مافيا الاستيراد التي تضيق على المستثمر المحلي والأجنبي معا.
وعلى الدولة أيضا فتح قنوات اتصال مع الاحتكارات الكبرى المسيطرة على السوق لضبط الأسعار والاستثمار في الإنتاج أو مواجهة هذه المافيا بالقانون من خلال تشكيل لجنة عليا أمنية وسياسية بهدف التخلص من هذه الفئة المتوحشة التي لا تفتقد لأدنى درجات العقل السياسي والرحمة الاجتماعية.
وعلى الدولة أيضا التعامل الحازم مع اختراق حالات اختراق القانون لضبط البيئة السياسية والاجتماعية، بأن تقوم كل مؤسسة بواجبها بداية من النيابة العامة مرورا بالجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الاجتماعية وصولا إلى البرلمان بغرفيته.
الأمر الآخر هو ضرورة إعادة هيكلة السياسة الخارجية لمصر لتواكب التطورات السياسية السريعة في العالم منها هيكلة مسألة اللاجئين والنازحين الموجودين في البلاد بما يشكل ضغطا على معيشة المواطنين، إذ يجب تحميل الدول الغربية المستفيدة من انخفاض وتيرة الهجرة غير الشرعية بتحمل تكلفة من خلال تقديم منح عاجلة وكافية لمصر وهذا الملف تحديدا يحتاج تحركًا أكبر وأسرع من جانب وزارتي الخارجية والتعاون الدولي إذ أن حجم ما تقدمه أوروبا لمنع وصول الهجرة غير الشرعية إلى شواطئها غير كاف وضئيل مقارنة بما قدمته لتركيا على سبيل المثال.
الأمر الآخر هو العمل على التكيف مع الوضع غيرالمستقر في دول الجوار بما يفيد مصر، إذ ليس من المتوقع أن تشهد هذه الدول استقرارا على المدى القريب.
ليس أمام الدولة فرص كثيرة للتجريب والوقوع في أخطاء خصوصا أن الوضع السياسي والاجتماعي في مصر هادىء بما ينذر بالخطر، وفي مثل هذه الظروف على صانع القرار الاستراتيجي ومراكز دعمه حساب كل خطوة بدلا من الاستسلام لتكون كرة ثلج ستحطم كل ما يقف أمامها بعد حين.

* سامي جعفر، سكرتير تحرير جريدة “المصري اليوم”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.