سجاد رعد يكتب | المثقف الرقمي

0 155

في ظل التطورات التي يشهدها العالم في ميادين العلم المختلفة، وظهور المصطلحات والمفاهيم الجديدة والمعبرة عن هذه التطورات، التي يستطيع الإنسان من خلالها التعبير عن حاجته المرتبطة بهذا المجال أو ذلك، وكذلك القدرة على وصفها وتفسيرها. وبما أنَّ الثورة التي يشهدها العالم اليوم، هي ثورة رقمية بامتياز، فقد تم توليد المصطلحات الدالة على هذا التطور، والمرتبطة بمجالات معرفية وتقنية متعددة، منها الكاتب الرقمي والمؤلف الرقمي، ومنهم من عمل على ربط مصطلح (المثقف) بمصطلحات أخرى كالمثقف الشبكي أو المثقف السيبيري والمثقف الرقمي وغيرها من المقاربات الاصطلاحية التي غزت كل المجالات المعرفية والعلمية اليوم.
فقد عُرِّفَ الكاتب الرقمي على أنه “كل كاتب استخدم بدل الورق تقنية الرقم في تدوين كتاباته، وإخراجها للقراءة “(١). وعرّف أيضاً بأنه “منتج العمل الأدبي الرقمي بامتياز، أي النص الذي يبنى على النصية الترابطية “(٢).
وقد استحدثت زهور كرام مصطلح المؤلف الرقمي، وعرفته على أنه “الذي يؤلف النص الرقمي، مستثمراً وسائط التكنولوجيا الحديثة، ومنشغلاً بتقنية النص المترابط، موظفاً مختلف أشكال الوسائط المتعددة. وتضيف “أنه كاتب، عالم بثقافة المعلومات ولغة البرمجة المعلوماتية والتقنية الرقمية(٣).
أما المثقف الشبكي فيعرفه نديم المنصوري، في دراسة نشرت له في كتاب دور المثقف في التحولات التاريخية، عن طريق المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، بعنوان “عن دور المثقف الشبكي في عصر المعلومات: ملاحظات وآفاق” بأنه مستخدم المنتج في الشبكة، والمؤثر في أفرادها، والمغني في محتواها”(٤).
أما المثقف السيبيري فيعرفه محمد أسلم “بأنه هو ذلك الذي يتصل يومياً بالشبكة، يجوب هذه القارة أو تلك، لاكتشافها فحسب، بل وكذلك ليترك فيها بصمات لمروره”(٥).
وأخيراً المثقف الرقمي فيعرفه حافظ هرُّوس بأنه “ذلك الفاعل الاجتماعي، المنتج للمعرفة والمنخرط بها، بقصد الوعي في قضايا مجتمعه، والعارج إلى العالم الرقمي، فكراً وممارسة، عن طريق ترقيم نتاجه الثقافي والمعرفي “أما سماته يقسمها على النحو الآتي: اولاً من النخبوية إلى التفاعلية، وتحدث عن سمة التفاعلية التي يتميز به الإعلام الرقمي، مقارنةً بالأساليب التقليدية التي يستخدمها المثقف النخبوي في نشر خطابه، الذي يعتمد به على إرسال المادة في وقت معين وتصل إلى القارئ في وقت آخر، زيادة على ذلك هو حدود هذا الخطاب التي تميز بالحدود الزمانية والمكانية، على العكس من المثقف الرقمي الذي يتمتع خطابه باللحظية والامتداد في الزمان والمكان، ثانياً من الخطية إلى اللاخطية، وهي إحدى سمات الإعلام الرقمي أيضاً، والتي تتيح المشاهدة الحية وتجعل المشاهد أمام الحدث. عكس الأساليب التقليدية التي تتميز بالجمود، في نقل النص أو الصورة فقط، بل تعدى الأمر إلى النص الرقمي المبني على إدماج خصائص رقمية متعددة في عرض النتاج الرقمي وإخراجه، مثل الروابط الإلكترونية والمقاطع الفيديوية والصوتية، فضلاً عن تقنية البث المباشر التي تجعل المشاهد في وسط الحدث. وثالثاً من الرقابة إلى الحرية، اي التخلص من شروط المؤسسات الإعلامية المجحفة، بشقيها العامة والخاصة، وكذلك الهيمنة الإعلامية المطلقة، والمعوقات التي اعترضت المثقف دوماً، وحددت من أدواره الاجتماعية، فالإعلام الرقمي يتيح لك فضاء واسع يتمتع بحرية شبه المطلقة، تدعوك للممارسة العمل الإصلاحي والتنويري والفكري والنقدي، في فضاء ٍخال ٍمن التقيُّد المؤسساتي(٦).

(١) أسليم، محمد “مفهوم الكاتب الرقمي” (موقع وزارة الثقافة والشباب، قطاع ثقافة المملكة المغربية
https://www.minculture.gov.ma/?p=3504
(٢)يقضين، سعد “النص المترابط ومستقبل الثقافة العربية: نحو كتابة عربية رقمية” (المغرب: المركز الثقافي العربي، 2008) ص: 199.
(٣)كرام، زهور” الأدب الرقمي: أسئلة ثقافية وتأملات مفاهيمية” (المغرب: دار الأمان، ط2، 2013) ص: 34.
(٤)مجموعة مؤلفين “دور المثقف في التحولات التاريخية” المصدر سابق، ص: 541.
(٥)أسليم، محمد “المشهد الثقافي العربي في الأنترنيت: قراءة أولية” (موقع محمد أسلم، 2012)
http://www.aslim.ma/site/articles.php?action=view&id=16
(٦)أنظر: هروس، حفيظ “المثقف العربي الرقمي رائد الحراك الثقافي والعربي الرقمي: دراسة في السمات والادوار” (قطر، مجلة قلمون، العدد الخامس، نيسان/ابريل/2018).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.