سعد سوسه يكتب | مقاومة الغزو البرتغالي في الخليج العربي (2)

0 275

لم يقف رفض العمانيين للهيمنة البرتغالية عند هذا الحد بل شهد عام 1526 ثورة جديدة، اعلنها سكان الساحل العماني في (مسقط وقلهات) نتيجة عمليات الابتزاز في تحصيل الضرائب، التي كان يقوم بها قائد الحامية البرتغالية في مسقط دييغو دي ميلو
Diago de Mello، وباسطول قاده لوبوفاز Lopo Vas مؤلف من خمس سفن وثلثمائة رجل، وصل الى مسقط في حزيران عام 1527، تمكن من اخماد الثورة وفرض السيطرة البرتغالية عليها .
وفي سنة 1529 اشتعلت ثورة اخرى، نتيجة لعزل الرئيس شرف (المستشار الاول لشيخ هرمز) من قبل حاكم المستعمرات البرتغالية في الهند، فقد اثار عزلهُ احتجاج الجميع، ولاسيما حاكم البحرين بدر الدين ابن عم شرف، ورفض دفع الجزية السنوية للبرتغاليين، فأرسلت حملة برتغالية لقمع ثورة البحرين، الا انها فشلت بسبب نقص الإمدادت وانتشار الوباء بين البرتغاليين، فكانت هذه الحملة كارثة عليهم، ولكنهم، بفضل الامدادات من كوا، تمكنوا من خلع حاكم البحرين، وتعيين حاكم آخر.
ان الثورات العربية المتلاحقة على امتداد الساحل العماني، على الرغم من فشلها في زحزحت الوجود البرتغالي من الخليج العربي، اثبتت فشل اسلوب الحكم الاستعماري المباشر، لما يتطلبه من نفقات وجنود، فعمد البرتغاليون الى وضع سلطة أكبر بإيدي الامراء المحليين، وانتهاج اسلوب عدم التدخل في شؤون البلاد الداخلية، طالما لا تهدد السلطة البرتغالية.
كانت الدولة العثمانية القوة الاسلامية الكبرى التي يمكن ان تتصدى للبرتغاليين، غير ان وضعها وظروفها الخاصة لم تجعل منها دولة خليجية، باستثناء مدة قصيرة، فعند وصول البرتغاليين الى الخليج العربي كانت الدولة العثمانية منشغلة بحروبها في أوروبا، ولم تستقر السلطة العثمانية في بغداد قبل 1534م، في عهد السلطان سليمان القانوني (1520-1566م)، وحتى بعد دخول بغداد، تركت البصرة لحكامها المحليين وهم شيوخ قبائل عربية ( 2 )، وفي عام 1543م ارسل شيوخ البحرين والقطيف والاحساء والبصرة، مبعوثين منهم الى بغداد، للترحيب بالسلطان العثماني سليمان، مما اذّن بصراع طويل بين العثمانيين والبرتغاليين في البحر الاحمر والخليج العربي والمحيط الهندي، خلال النصف الثاني من القرن السادس عشر، وشهد عام 1546 اخضاع العثمانيين للبصرة، وحكمها وال عثماني، وطردوا حاكمها الشيخ راشد بن مغامس، وجرت اولى العمليات الحربية العثمانية في المياه الخليجية في العام نفسه، عندما توجهت قوة بحرية عثمانية من ميناء السويس، لمهاجمة ظفار ومسقط، الا انها لم تستطع تحقيق أي نصر.
في عام 1550 اعلن اهالي القطيف تبعيتهم للدولة العثمانية، وسلموا قلعة المدينة للعثمانيين، الذين دخولها وفرضوا حمايتهم عليها وسرعان ما استنجد حاكم هرمز الفارسي بالبرتغاليين، فأرسل نائب الملك في الهند الفونسو دي نورونها Alfonso de Noronha ابن اخيه انطوينو دي نورونها، بحملة مؤلفة من تسع عشرة سفينة، عليها (الف ومائتا) رجل، توجهت الى القطيف، وفي هرمز تجمع جنود شيخ هرمز وامير البصرة المخلوع راشد بن مغامس مع جنود نورونها، ونزلوا امام قلعة القطيف، فقصفوها ودمروها مع تحصيناتها، رغم استبسال العرب والعثمانيين في الدفاع عنها، وهكذا عادت القطيف لتخضع للسيطرة البرتغالية .
وفي عام 1552 هاجمت حملة عثمانية بقيادة بيري ريس مسقط، حيث نجحت في احتلال قلعتها واسر حاميتها، ورفع العلم العثماني عليها، وتوجهت بعدها نحو هرمز، لكن الحامية البرتغالية في قلعتها قاومت الحصار المفروض عليها مدة عشرين يوما، اضطر بعدها بيري ريس الى ان يرفع الحصار ويغادر الى جزيرة قشم، التي هاجمها، وعاد بعدها الى البصرة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.