سعيد جميل تمراز يكتب | سنوات من تأميم قناة السويس (4-4)

0 324

ردود الفعل على قرار التأميم: مثلت القناة أهمية كبرى على الساحة الدولية، فقد ذكر رئيس مجلس إدارة شركة قناة السويس تعبيراً تردد كثيراً في خطابات “إيدن” إذ قال “القناة هي وريد الدورة الدموية للبترول في العالم”، وتعد بريطانيا من أكثر الدول انتفاعاً بالقناة، فثلث السفن المارة بها هي سفنها، وبلغ البترول الذي ينقل إليها 20 مليون طن عام 1955م، بالإضافة إلى تجارتها مع الشرق الأوسط التي مثلت 25% من حجم تجارتها، كل ذلك يتم عبر القناة، وبجوار الأهمية الاقتصادية، هناك الأهمية الاستراتيجية للقناة، فهي طريق بريطانيا لدول الكومنولث ويمر بالقناة ستون ألف جندي بريطاني. أيضا كانت بريطانيا صاحبة أكبر حصة في القناة بما تملكه من أسهم إذ بلغت 44% من إجمالي الأسهم، من أجل ذلك كانت لندن تخشى على القناة من عبد الناصر.
وقوبل قرار تأميم شركة قناة السويس بفرحة كبرى عمت مصر والوطن العربي، وامتدت تأثيراتها إلى بعيد في آسيا وأمريكا اللاتينية.
ولكن القرار لم يعجب الغرب وثارت ثائرة الدول الاستعمارية وفى 27 تموز (يوليو) 1956م، أعلنت بريطانيا وفرنسا أنهما ترفضان الاعتراف بقرار التأميم، وأنهما سيتخذان التدابير اللازمة لسلامة رعاياهما واحترام مصالحهما، كما قامت إنجلترا وفرنسا والولايات المتحدة أيضاً بتجميد كل ما لمصر لديهم من أرصدة، وفشلت كل المحاولات الدولية التي بذلت لاحتواء قرار التأميم أو التراجع عنه، وكان واضحاً أن مصر لن تتراجع عن حقها في التأميم، أو أي تغيير في ممارستها لسيادتها على القناة والملاحة فيها، الأمر الذي اعتبرته دول العالم الغربي بمثابة تحد صارخ لها، وسيما كل من بريطانيا وفرنسا اللتين أدانتا قرار التأميم وأصرتا على استعادة شركة قناة السويس بإدارتها الأوروبية لدورها في إدارة القناة والملاحة بها احتجاجا بما نصت عليه اتفاقية القسطنطينية التي أبرمت عام 1888م، بمعرفة الباب العالي التركي نيابة عن مصر والتي نصت على ضمان حرية الملاحة الدولية بالقناة.
وكذلك كان الرئيس عبد الناصر ينتظر باهتمام رد فعل الاتحاد السوفيتي، الذي تأخر ثمانية وأربعين ساعة. واجتمعت القيادة السوفيتية عدة مرات قبل أن تصدر بياناً هادئاً يقول: “إن القناة ملك لمصر وإن تأميمها إجراء قانوني عادي لصالح اقتصاد مصر”.
نص قرار رئيس الجمهورية‏:
باسم الأمة‏..‏ باسم الأمة
رئيس الجمهورية‏..
مادة‏ 1:‏ تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية‏،‏ وينتقل الي الدولة جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات‏,‏ وتحل جميع الهيئات واللجان القائمة حاليا علي ادارتها‏،‏ ويعوض المساهمون وحملة حصص التأسيس عما يملكونه من أسهم وحصص بقيمتها‏، مقدرة بحسب سعر الاقفال السابق علي تاريخ العمل بهذا القانون في بورصة الأوراق المالية بباريس‏، ويتم دفع هذا التعويض بعد اتمام استلام الدولة لجميع أموال وممتلكات الشركة المؤممة‏.‏
مادة‏ 2:‏ يتولي إدارة مرفق المرور بقناة السويس مرفق عام ملك للدولة‏..‏ يتولي إدارة مرفق المرور بقناة السويس هيئة مستقلة تكون لها الشخصية الاعتبارية‏,‏ وتلحق بوزارة التجارة‏,‏ ويصدر بتشكيل هذه الهيئة قرار من رئيس الجمهورية‏,‏ ويكون لها ـ في سبيل إدارة المرفق ـ جميع السلطات اللازمة لهذا الغرض، دون التقيد بالنظم والأوضاع الحكومية‏.، ومع عدم الإخلال برقابة ديوان المحاسبة علي الحساب الختامي‏,‏ يكون للهيئة ميزانية مستقلة‏,‏ يتبع في وضعها القواعد المعمول بها في المشروعات التجارية‏,‏ وتبدأ السنة المالية في أول يوليو وتنتهي في آخر يونيو من كل عام‏,‏ وتعتمد الميزانية والحساب الختامي بقرار من رئيس الجمهورية‏,‏ وتبدأ السنة المالية الأولي من تاريخ العمل بهذا القانون وتنتهي في آخر يونيو سنة‏1957,‏ ويجوز للهيئة ان تندب من بين اعضائها واحدا أو أكثر لتنفيذ قراراتها أو للقيام بما تعهد اليه من أعمال،‏ كما يجوز لها ان تؤلف من بين أعضائها أو من غيرهم لجانا فنية‏,‏ للاستعانة بها في البحوث والدراسات‏..‏ يمثل الهيئة رئيسها أمام الهيئات القضائية والحكومية وغيرها‏,‏ وينوب عنها في معاملتها مع الغير‏.‏
مادة‏ 3:‏ تجمد أموال الشركة المؤممة وحقوقها في جمهورية مصر وفي الخارج‏، ويحظر علي البنوك والهيئات والأفراد التصرف في تلك الأموال بأي وجه من الوجوه‏,‏ أو صرف أي مبالغ أو أداء أية متطلبات أو مستحقات عليها إلا بقرار من الهيئة المنصوص عليها في المادة الثانية‏.‏
مادة ‏4:‏ تحتفظ الهيئة بجميع موظفي الشركة المؤممة ومستخدميها وعمالها الحاليين‏,‏ وعليهم الاستمرار في أداء أعمالهم‏,‏ ولايجوز لأي منهم ترك عمله أو التخلي عنه بأي وجه من الوجوه،‏ أو لأي سبب من الأسباب‏,‏ إلا بإذن من الهيئة المنصوص عليها في المادة الثانية‏.‏
مادة‏ 5:‏ كل مخالفة لأحكام المادة الثالثة يعاقب مرتكبها بالسجن والغرامة توازي ثلاثة أمثال قيمة المال موضوع المخالفة‏,‏ وكل مخالفة لأحكام المادة الرابعة يعاقب مرتكبها بالسجن‏،‏ فضلا عن حرمانه من أي حق في المكافأة أو المعاش أو التعويض‏.‏
مادة ‏6:‏ ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية،‏ ويكون له قوة القانون‏،‏ ويعمل به من تاريخ نشره‏،‏ ولوزير التجارة اصدار القرارات اللازمة لتنفيذه‏.
سياسة انقلاب على عبد الناصر، فحين تكون سياسة عبد الناصر هي انشاء القطاع العام، تكون سياسة من بعده هي بيع القطاع العام، وحين تكون سياسة عبد الناصر تحرير الاقتصاد المصري من الهيمنة الأجنبية، تكون سياسة من بعده هي دعوة المستثمرين الأجانب لشراء الاقتصاد المصري (القطاع العام).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.