طلال الحريري يكتب | النفط ومعطيات لم تروى!

0

في سوق النفط معطيات مهمة لها تأثيرها المباشر في العرض والطلب ومستوى الأسعار وبدون معرفة هذه المعطيات تُصبح الرؤى ضبابية في تحليل المواقف الإقتصادية وعلاقتها بالرؤى السياسية والتوازنات الإقتصادية. فرق شاسع بين النفط كمورد ثابت محافظ على توازن (أحادي الإنتاج) في اقتصاديات دول أوبك، وبين الصناعات النفطية كمورد متعدد الإنتاج. وفريق كبير بين اكبر دولة منتجة للنفط تتحكم بالسوق والإتفاقيات وعلى رأسها اتفاق اوبك بلس الأخير، وبين دول منتجة تعمل بمشيئة تلك القوة الأكبر على وجه الأرض!
منذ عام 1973 ولغاية 2020 ضغطت اميركا عدة مرات على الدول المنتجة للنفط (أوبك) لتخفيض الأسعار بما ينسجم مع رؤيتها الإقتصادية الخاصة بمستقبل النفط وهذا ما يجعل وهم تأثير انخفاض الأسعار السلبي على اميركا محض خيال!. اميركا لم تكتفِ بكونها اكبر منتج للنفط بل حققت في عهد ترمب مشروع السيادة على الطاقة العالمية!. روسيا التي يساهم النفط بنسبة 37% من ناتجها القومي تخضع شركاتها وانتاجها النفطي لعقوبات قاسية فرضتها اميركا والتي ما تزال بتزايد حتى اصبحت تحت رحمة سياسة العرض والطلب المنغمسة بمشروع السيادة المطلق! الصين التي تعتبر اكبر مستورد ومستهلك للنفط هي الأخرى تقبع في اثار العقوبات الأمريكية القاسية ايضا والأهم من ذلك هو أن الدول غير المنتجة خارج معادلة التحكم بالسوق وسياسة العرض والطلب من حيث التأثير وتحقيق التوازن على المستويين السياسي والإقتصادي! كما أن الهند كمستهلك عملاق لا يقل عن الصين ماتزال المستهلك المنافس للصين والأكثر تعاطيا مع الموقف الأمريكي!. من يفهم هذه المعطيات الواقعية سيصل الى تفكيك المعادلة ثم تقدير الموقف الأمريكي والأمكانات الهائلة التي توظف ارتدادات العرض والطلب وتكيف انتاجها وصناعتها في كل الظروف والمتغيرات الإقتصادية. وبالمحصلة اميركا اكبر دولة منتجة للنفط واكبر دولة توسعا في الصناعات النفطية وهذا ما جعلها تحقق السيادة الكاملة على سوق الطاقة العالمي. اما تأثير كورونا على الطلب فهو لا يتعدى كونه احد مدخلات الأزمة الإقتصادية الدولية التي ستترك اثر على سياسة العرض والطلب في سوق النفط كإحدى وسائل التحول الإقتصادي التي فرضها الواقع وكل هذه المتغيرات المتسارعة تجعل اميركا اكثر تمسكا برؤية 2030 التي ستغير النظام العالمي بالكامل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.