علاء عصام يكتب | تجفيف منابع الإرهاب والفوضى

0 800

شهدت مصر قبل ثورة يناير بسنوات طويلة حالة من البيروقراطية والفساد المالي والاخلاقي نتج عنها فوضي كبيرة على كافة المستويات فكان من الامور العادية ان نشاهد البناء على الأرض الزراعية وتبوير آلاف الأفدنة الصالحة للزراعة وسرقة اموال القطاع العام وتدميرها بفعل فاعل علي ايدي موظفين كان هدفهم هم ورؤسائهم من مسؤولين كبار استنزاف ثرواتها ولم يقف الامر عند السرقة، بل توظيف الاقارب والابناء دون الحاجة لكل هذا العدد من الموظفين والعمال.
كما أهمل الصعيد وعدد من محافظات وجه بحري وغابت التنمية الصناعية والزراعية عنهما، مما تسبب في هجرة المواطنين للقاهرة ومن هنا ظهرت العشوائيات حيث اقام المواطنين عشش وبيوت صفيح للإقامة، ولم تستطع الدولة الرخوة مواجهتهم خوفًا من حدوث أي انفجار اجتماعي أو ثورات.
في وسط هذه العشوائيات وقري الريف والصعيد التي كانت تعاني من منظومة تعليمية مهترأه ومنظومة صحية ضعيفة وفقر شديد في الخدمات مثل غياب الصرف الصحي والغاز وبنية تحتية سليمة، نمي تيار التأسلم السياسي وهنا أعني تجار الدين الذين وعدوا الفقراء بجنة الخلد إذا وصلوا للحكم وغلفوا مشروعهم بتطبيق الشريعة الاسلامية.
تغلغل هذا التيار بأفكاره المسمومة بعد خروجهم من السجون في السبعينيات من القرن العشرين، وسط الفقراء وكانوا يلعبون علي وتر الدين والفقر، فمن خلال الزوايا والمساجد واتحادات الطلاب يجندون الصبية والمراهقين والشباب ويقوموا بتربيتهم علي السمع والطاعة، ولكي يسيطروا عليهم تماما يقوموا بتقديم مساعدات مالية وتموينية للفقراء عن طريق ارباح شركاتهم ومشروعاتهم التي أنشأوها نهارا جهارا دون اي مقاومة فعلية من الدولة هذا الي جانب تمويلات اجنبية كثيرة من دول كبري وبالطبع كانت تفعل ذلك الدول الكبرى لاستخدام تنظيم جماعة الاخوان الارهابية في تنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة.
استمرت حالة الفوضى بعد ثورة يناير ولكن القوات المسلحة كانت مدركة تماما لخطورة مشروع الفوضى الخلاقة وكانت تعلم جيدًا أن شباب الثورة الطاهر لم يشارك في حرق الاقسام وتهريب المساجين وقتل الضباط والأبرياء العزل، واستطاع المجلس العسكري ومؤسسات الدولة السيادية ان يلعبوا دورا محوريا في الحفاظ على المنشآت الحيوية لعامين كاملين وقللوا من حدة الغضب عن طريق الحوار وتوفير فرص عمل بالملايين واجروا انتخابات ديمقراطية انتهت بفوز الرئيس الإخواني.
كان الزهد سمة من سمات الحارس المشير حسين طنطاوي ولم يطمع في السلطة وهذا الزهد وصفاته النبيلة وعقلانيته كان أساس استكمال الثورة أو خروج المصريين بالملايين لإسقاط سلطة الاخوان المستبدة في ٣٠ يونيو وخلال عام حكم الاخوان الارهابيين نمي وعي المصريين أكثر وأكثر.
حيث اكتشف الجميع ان الدولة تدار من مكتب جماعة الاخوان ومن الغباء الشديد اعلن مرسي اعلان دستوري يرفض في مادة من مواده ان يعارضه اي مواطن وإلا تعرض للسجن فخسر القوي اليسارية والليبرالية وتشكلت جبهة الانقاذ وحركة تمرد فيما بعد وكانت الخسارة الأكبر للإخوان عندما خسروا الاغلبية الساحقة من الشعب حيث إن المواطنين عاشوا شهورًا من الفوضى، بدون كهرباء وتنمية صناعية حديثة وشاهدوا مؤسسات الدولة تحاصر من الجهلة والمهوسين وكلنا شاهدنا حصار مدينة الانتاج الاعلامي لقمع أي صوت يعارض الارهابيين وكذلك محاصرة المحكمة الدستورية وقاماتها الاجلاء الذين رفضوا إعلان مرسي غير الدستوري والديكتاتوري، وزاد الطين بله عندما شاهدنا قتلة الرئيس السادات في استاد القاهرة في ذكري اكتوبر المجيدة.
كل ذلك عجل بالثورة ووقع علي ورقة تمرد الملايين وما كان أمام القوات المسلحة وعلي رأسها زعيم جمهوريتنا الجديدة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلا الوقوف بجانب الشعب ونجحت ثورة ٣٠ يونيو واجتمعت القوي السياسية وكل فئات الشعب علي مشروع واحد واستلم الرئيس عدلي منصور السلطة وبدأت مقاومة الدولة من جديد لحرق الكنائس والاقسام واصبحت اكثر خبرة في المواجهة ونجحت القوات المسلحة والشرطة والمخابرات في مقاومة كل اعمال العنف ودفع ابناء الشعب المصري ثمن مقاومة مشروع استعماري إمبريالي عالمي كان يستهدف تقسيم مصر عن طريق الوقيعة بين الشعب وبعضه بمسلميه ومسيحية وإحداث وقيعة بين الشعب وجيشه وشرطته.
خرج المصريين بالملايين وانتخبوا الرئيس السيسي وعادت لمصر مكانتها وريادتها وشاهدنا تلاحم قوي الشعب وعدنا مرة أخرى يد واحدة وشعب واحد بمسلميه ومسيحية وجيشة وشرطته وكافة مؤسسات مصر في مواجهة مشروع الفوضى وحتى أكون أكثر دقة هو مشروع صبغ المجتمع بحكم ديني فوضوي يستهدف سلفنة مصر وتدمير مؤسساتها وكسر جيشها.
كان الرئيس السيسي يمتلك مشروع طموح هو خلاصة خبرته ومعرفته بكل منابع الفوضى والإرهاب فعمل طيلة سنوات حكمه على سد هذه المنابع حيث استطاع ان يقضي على الإرهاب من خلال مقاومة التنظيمات الارهابية عسكريا ونجح في تنمية سيناء والمحافظات الحدودية عمرانيا واقتصاديا كما دشن مشروع القضاء على العشوائيات ونقل المواطنين لمجتمعات عمرانية حديثة بالمجان وتحتوي على شقق سكنية مفروشة وقصور ثقافة ومدارس ووحدات صحية وهنا عاد الانتماء لأهالينا المعدومين وزاد عشقهم لوطنهم أكثر وأكثر.
نجح الرئيس خلال سنوات قليلة في تأسيس بنية تحتية تشمل طرق حديثة بمواصفات عصرية وكباري وصرف صحي وغاز ومشاريع نقل صديقة للبيئة مثل الاوتوبيس الترددي والمونورويل والقطار الكهربائي وساهم كل ذلك في دب الحياة في مدن جديدة مثل العاصمة الادارية والعلمين والمنصورة الجديدة واسوان الجديدة وقنا الجديدة وحوالي ١٤ مدينة جديدة سيكون لهم دور في تقليل عبء الزيادة السكانية على القاهرة وكافة محافظات مصر.
عملت الدولة أيضًا خلال السنوات الماضية على الاستثمار في مشاريع الصناعات التحويلية لتحويل المواد الخام لمكونات وسلع وتقليل فاتورة الاستيراد وزيادة الصادرات.
نجحت اجهزة الدولة الرقابية وعلي راسها الرقابة الادارية في مقاومة الفساد وشاهدنا وزراء وكبار المسؤولين يتم القبض عليهم ومحاكمتهم رغم ان هذا المشهد كان من النادر مشاهدته أو توقع حدوثه قبل ٢٠١٣.
تكللت كل هذه النجاحات بمشروع حياة كريمة والذي حقق الرخاء لملايين المصريين في ريف وصعيد مصر ومازال القائمين عليه مستمرين في تنفيذ بقية مراحل المشروع حيث تشهد قري مصر حالة بناء واصلاح لبنيتها التحتية غير مسبوقة، الي جانب الاهتمام ببناء عقول مثقفة وواعية لحاضرها ومستقبلها عن طريق مكتبات حياة كريمة واصلاح منظومة التعليم عن طريق توفير مشروع تعليمي حديث قائم علي التفكير والبحث وينبذ الحفظ والتلقين كما ان هذا المشروع يعتمد على التكنولوجيا ونشر التابلت وهو الأمر الذي سيجعل تلاميذنا قادرين علي اللحاق بمنظومة الثورة الصناعية الرابعة التكنولوجية.
كما أن إعلان وتنفيذ الدولة لمشروع التامين الصحي الشامل والمبادرات الصحية مثل ١٠٠ مليون صحة وغيرها من المبادرات سينعكس بشكل إيجابي على صحة المواطنين وقدرتهم على العمل وتنمية مصر.
استطاعت الدولة تجفيف منابع الفوضى والارهاب على مدار ٨ سنوات وعادت لمصر ريادتها عربيا وافريقيا ونجح الزعيم في وضع خطوط حمراء في ليبيا وعمق مصر البحري وأصبح لنا يد طولي عسكريا بفضل تطوير الجيش المصري وتعدد مصادر التسليح.
على المستوي السياسي، بفضل مؤتمرات الشباب ومنتدى شباب العالم، أفرزت مصر نخبتها الشابة الجديدة المثقفة المؤمنة بالتنوع والاختلاف وحق الانسان في الحياة. وأصبحت المرآة قادرة على أن تعيش في مجتمع يمكنها من حقوقها السياسية والعلمية والتعليمية والعملية ومازالت المرآة تناضل وتقاوم فكر ذكوري يرفض حقوقها بدعم من الرئيس والبرلمان والاحزاب السياسية.
أعلم ان الشعب المصري مازال يعاني بسبب الفقر وارتفاع الأسعار وتردي بعض الخدمات وسوء الحالة الصحية في بعض المحافظات وتكدس الطُلاب في الفصول ولكن هل ما تعرضت له مصر خلال ٤٠ عام مضت من إهمال وتخريب سيعالج في سنوات قليلة؟ في ظني الشعب المصري يملك الاجابة ويظهر ذلك جليًا في تصميمه على العمل والبناء رغم كل الصعاب والتحديات.

* علاء عصام، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين وحزب التجمع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.