قياتي عاشور يكتب | الجامعات المنتجة

1 952

وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي عددًا من الرسائل المهمة خلال زيارته الأخيرة لجامعة كفر الشيخ، وأكد على حرص الدولة على الارتقاء بمستوى الجامعات الحكومية بالتوازي مع إنشاء الجامعات الجديدة على مستوى الجمهورية، وذلك وفق نهج يعتمد على توفير التعليم والتدريب المناسب لسوق العمل الحالي والمستقبلي. وخلال كلمته أشار إلى “دعم عملية ربط منظومة البحث العلمي وما يتبعها من مراكز بحوث متخصصة مع قطاع التعليم الجامعي وإتاحة كافة التسهيلات لإعداد البحوث والدراسات المبتكرة، وذلك للمشاركة في صياغة حلول علمية للتحديات التي تواجه الدولة المصرية، والمشروعات القومية التنموية في كافة المجالات”.
في هذا الإطار، ولكي يمكن السير قدمًا مع توجه القيادة السياسية في خدمة المجتمع وتحقيق عائد حقيقي يذكر؛ يمكن طرح أبرز البدائل المتاحة أمام كثير من مؤسسات التعليم العالي ما يطلق عليه -الجامعة المنتجة- Productive University وهي الجامعة المتفاعلة مع المجتمع من خلال مجموعة من الأنشطة المضافة لدورها الأساسي تحقق من خلالها موارد إضافية تعزز من موازنتها وتعطيها المرونة الكافية لتطوير بعض نشاطاتها وخدماتها التعليمية وتحسين جودة التعليم والمساهمة في التنمية المجتمعية الشاملة.
حيث يُعد نموذج الجامعة المنتجة نموذجًا مرنًا يحقق التوازن بين وظائف الجامعة الثلاث (البحث العلمي والتدريس وخدمة المجتمع) على اعتبار أن الجامعة جزءٌ لا يتجزأ من آليات السوق ومؤسسة لإنتاج وتسويق المعارف والبرامج والأبحاث المرتبطة بالسوق وعقد صفقات الشراكة مع مؤسسات المجتمع الأخرى.
في هذا السياق يمكن عرض بعض البرامج والأفكار التي يمكن أن تتبناها الجامعات لتصبح جامعات منتجة منها:
يرتبط تطبيق فكرة الجامعة المنتجة بنمط ونوعية التعليم الجامعي، فالتعليم الطبي والزراعي والهندسي يمكن أن تطبق فيه الفكرة كلية عن طريق إنشاء عيادات ومستشفيات خاصة من خلال استثمار عملياتها لصالح ميزانية الجامعة، وبالمثل كلية الزراعة عن طريق إنشاء حقول ومزارع وحظائر تربية المواشي والدجاج، يمكن استخدامها في عمليات التسويق والإنتاج فضلا عن قيامها بعملية استصلاح الأراضي واستغلال طاقتها العلمية والبحثية في ذلك وكذلك كليات الهندسة وكليات الفنون الجميلة والتربية الفنية.
ضمن السياق ذاته الاتجاه نحو استثمار مرافق الجامعة المتنوعة كمراكز إنتاج متقدمة، بالعمل على إعادة الاستفادة من مقتنياتها (إعادة التدوير)، وذلك عن طريق ورشها التابعة لبعض التخصصات. كما يمكنها الاستفادة مما يدره تسويق منتوجها للمجتمع المحلي. فعلى سبيل المثال، يمكن لتخصصات تصميم الأزياء أو تخصصات الفندقة وغيرها من التخصصات العملية أن تعرض منتجاتها في محلات تابعة للجامعة بغرض بيعها، وما يعود عليها من ربح يتم الاستفادة منه في دعم تنفيذ الخطط التطويرية للجامعة.
كما يمكن للجامعات أن تحصل على إيرادات مادية إضافية عن طريق استثمار أملاكها، سواء كانت مطاعم أو مساكن أو مزارع أو عقارات. الأمر الذي يتطلب إدارة للأملاك تعمل على استثمارها حسب متطلبات السوق، هذا فضلا عن استثمار الأجهزة والمعدات لإنجاز أعمال مختلفة لحساب الغير. كاستخدام ورش الجامعة وتأجير بعض الممتلكات كالنوادي والمطاعم وغير ذلك.
كذلك إنشاء مركـز للاستثمارات العلمية الميدانيـة، يهدف إلى الاهتمام بالنتـاج العلمي التطبيقي والدراسات والاستشارات والأبحاث، وتسويق إنتاجها العلمي إلى حقول المجتمع المختلفة وتوسيع نشاطاتها الإنتاجية، مثل إنشاء مراكز تدريب لتقديم خدمات مدفوعة الأجر.
بالإضافة إلى ذلك يقع على عاتق الجامعات وضع خطط استراتيجية توجه من خلالها البحوث العلمية في الجامعات لخدمة قطاعات الإنتاج. وذلك من خلال إجراء البحوث المشتركة التي تخدم مباشرة هذه القطاعات الإنتاجية وفق عقود تبرم بين الجامعات والمؤسسات الإنتاجية، تدر على الجامعات موارد مالية إضافية تسهم في تمويل مجالات البحث العلمي ودعم ميزانية الجامعة.
ختامًا، نستطيع القول إن الانتقال والتحول من جامعات غير منتجة إلى جامعات منتجة يتطلب تكاتف الجهود وزيادة درجة التنسيق والتعاون مع كل المؤسسات المعنية بإعداد وصياغة استراتيجيات حديثة ومبتكرة لمواكبة الجامعات المتقدمة، وتحقيق رؤية الرئيس في الجامعات الفترة المقبلة.

تعليق 1
  1. Abdullah يقول

    أحسنت دكتورنا العزيز

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.