أصبحت المتاحف فى عصرنا الحالى واجهة حضارية تتفاخر بها الأمم وتتحدث عنها كبرهان على نهضتها وأحد معايير تقدمها وتفوقها ، وقد أنشأت الكثير من دول العالم أنواعاً مختلفة من المتاحف،وتسعى إلى زيادة عددها ورفع مستواها بالتجديد الدائم والتطويرالمستمرتماشياً مع روح العصر وطابعه الحديث لتلبية متطلبات ورغبات الإنسان المعاصر فى مجلات المعرفة والترفيه والتثقيف والتعليم .
والمتاحف اليوم لم تعد فقط مؤسسات ثقافية وحضارية هامة من شأنها نشر وتعميق ثقافة المجتمع حول تاريخه وهويته الحضارية وتراثه الفكرى والمادى وتسعى جاهدة للحفاظ عليه ، بل أصبحت تقوم بوظائف متعددة داخل المجتمعات ، وتخدم فى مجالات كثيرة منها السياسية والتربوية والتعليمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياحية وغيرها ، وتوجد في العالم عدة ألاف من المتاحف متنوعة التخصصات والتوجهات ، مما يؤكد أهمية المتاحف ودورها في العصر الحاضر،ولأن مصرهي السباقة الرائدة في مجال المتاحف وإنشائها وتنويعها في الوطن العربى ،تحاول المتاحف المصرية ملاحقة العصروالتوسع في تأسيس المتاحف الحديثة و الاستفادة منها .
وهنا تأتى أهمية الحديث عن متحف القوات الجوية المصرية كواحداً من أهم المتاحف العسكرية المصرية الحديثة والمتخصصة والذى أضاف إلى مفهوم الثقافات العسكرية موضوعات ومعارف ومناهج حديثة تجعل من المتاحف العسكرية مراكزهامة للمعرفة وللإبداع وللمتعة والتسليه في أنٍ واحد وتعمل على زيادة الإقبال على هذا النوع من الممارسات الثقافية وهى زيارة المتاحف والثقافة المتحفية التي تكاد تكون غائبة عن ثقافة شعبنا رغم كثرة عدد المتاحف وتنوعها في مصر .
وقد جاءت فكرة إنشاء متحفاً للقوات الجوية المصرية ليكون منارة تاريخية وثقافية للقوات الجوية المصرية لتوثيق تاريخها وبطولات رجالها ،حتى أصبح اليوم رمزاً من رموز القوات الجوية المصرية ومزاراً سياحياً يختزن فى داخله التاريخ والثقافة والترفيه مما يجذب الكثير من الزائرين من مختلف الطبقات والثقافات والجنسيات والميول والرغبات .
وإكتسب متحف القوات الجوية المصرية رغم حداثة إنشاؤه أهمية وشهرة كبيرة لا تقتصر فقط على كونه متحفاً عسكرياً مرموقاً يوثق التاريخ العسكرى والوطنى العظيم للقوات الجوية المصرية ، بل لأن تأسيسه منذ البداية جاء حاملا رسالة حضارية وهى ألاَ يقتصر دوره فقط على الحديث عن الماضى ولا على عرض وتقديم المعروضات والمعدات العسكرية للقوات الجوية المصرية ، بل تجاوز المفهوم التقليدى للعمل المتحفى ووصل إلى أفاق أوسع تساهم بشكل أفضل في إيصال رسالته إلى الأجيال الحالية والصاعدة ، فهو يمثل الأن مركزا ثقافياً متكاملاً ،يحرص على تقديم مجموعة واسعة من البرامج والأنشطة المختلفة وتنظيم كافة الفاعليات التي تناسب جميع الأعمار والفئات ، حتى يتمكن أكبر قدر من الزائرين من الإستمتاع والإستفادة أثناء زيارتهم للمتحف ،فهو يوفر تجربة تعليمية وتثقيفية وترفيهه مميزة لزائريه ،كما يقدم المتحف من خلال برامجه المتنوعة والكثير من الأنشطة الموجهة للأطفال وللأسر وللشباب مادة ملهمة وهادفة تعمل على زيادة الوعى وتعميق مفهموم الإنتماء والولاء وتأكيد إرتباط المواطن بأرضه ووطنه وتنمية إعتزازه بإنتمائه القومى وشعوره بمسئوليته تجاهها مما يمنحه قيمة معنوية وسياحيه وثقافيه أكثرعن غيره .
و يرجع تاريخ بداية إنشاء المتحف إلى عام ١٩٩٦م وإستمرت أعمال الإنشاء والتجهيزوالتطويرفيه حتى تم أفتتاحه رسمياً وإستقباله للزائرين للمرة الأولى في عام ٢٠١٦ م ،ويحتوى متحف القوات الجوية المصرية على مقتنيات متنوعة تعكس التاريخ الطويل للسلاح الجوى المصرى والذى يمتد لأكثر من تسعين عاما منذ نشأة القوات الجوية المصرية في عام ١٩٣٢م.
ويتميزالتصميم الهندسي للمتحف بمساحات واسعة و تقدر مساحته الكلية حوالى ٥٣٨٠٠ مترمربع والتي تشمل منطقة العرض الخارجي للطائرات بمساحة ١٥٠٠٠ متر مربع وتضم مجموعة كبيرة من الطائرات الحربية من الطرازات المختلفة الخاصة بالقوات الجوية المصرية قديماً وحديثاً ومسطحات خضراء وحدائق للتنزه بمساحة ٣٠٠٠٠ متر مربع توجد بها كافيتريا ومنطقة ألعاب وسينما 9D، والمبنى الداخلى للمتحف بمساحة ٣٦٠٠متر مربع ،ويتميز المبنى الداخلى للمتحف بالتصميم المعمارى الحديث ، فتصميم الهيكل الخارجي للمبنى يوحى بمواكبة أخر التطورات والحداثة حيث يأخذ شكل جناح طائرة وداخل هذا المبنى بتوجد معروضات فنية ووثائقية متنوعة ومحاكيات طيران وتمثيل لغرفة عمليات قاعدة جوية وجداريات هامة ذات القيمة الكبيرة تاريخياً وثقافياً وعدة قاعات ومنها قاعة الشهداء التي تضم صور وبيانات لكل شهداء القوات الجوية من الطيارين، وقاعة المجد للمؤتمرات والمحاضرات التى تعقد لشرح التاريخ العسكرى للسلاح واستعراض الأفلام الوثائقية عن القوات الجوية المصرية وكافة الحروب التى شاركت فيها فى الماضى والحاضر ، كما توجد مكتبة رائعة تضم مجموعة من المراجع التاريخيه والكتب والمجالات التى تصور التاريخ العسكرى للقوات الجوية المصرية وبطولات وتضحيات رجالها بكل مراحلها المختلفة ، كما أنها مجهزة ومعدة بكافة الأجهزة والشاشات الإلكترونية المتطورة للإطلاع على كافة الأفلام الوثائقية لكل ما يخص القوات الجوية المصرية ، كما أن للمتحف وجهة مميزة توجد على بوابة الدخول الرئيسه والتى تم تصميمها على شكل محرك طائرة لأهميته في عالم الطيران .
وقد تم وضع عدة أسس للمتحف للعمل بها والسير في إتجاه تحقيقها على الوجه الصحيح لكى يؤدى المتحف دوره المنوط به و رسالته بحرفية أكثر ومنها أن ترتكز رسالة متحف القوات الجوية المصرية على أن يُشكل صرحاً تاريخياً ومركزاً معلوماتياً متخصصاً ومتميزاً يقوم بجمع واقتناء ودراسة وعرض التاريخ العسكرى للسلاح الجوى المصرى من خلال ما يحتويه من معروضات عسكرية متنوعة وما يعده من برامج للمساهمة فى دعم وتعزيز التراث العسكرى ومن ثم تعميق مفهوم الإنتماء والولاء والهوية الوطنية وبث روح الحماس فى المجتمع من خلال الإطلاع على تاريخ القوات الجوية المصرية ومراحل تطورها منذ نشأتها في عام١٩٣٢ حتى يومنا هذا المتحف ، كما يهدف المتحف إلى إلى جمع وتوثيق وحفظ ودراسة التاريخ العسكرى للسلاح الجوى المصرى ليكون المتحف مصدراً هاماً فى مجال التاريخ العسكرى وداعماً للبحث العلمى من خلال تحفيز وتلبية الإحتياحات الثقافية والمعرفية للباحثين فى مجال العلوم العسكرية، وضمان حق الأجيال فى الإطلاع على التراث والتاريخ العسكرى للقوات الجوية المصرية ليكونوا على صلة بتاريخ وطنهم وربط الأجيال الحديثة بماضيهم من خلال التوعيه السليمة والتثقيف الصحيح والتعليم الجيد، والمساهمة فى تنمية المجتمع ثقافيًا وإجتماعياً من خلال تنفيذ برامج توعوية وتثقيفية وتعليميه وإقامة المحاضرات والندوات و الفاعليات المختلفة والأنشطة الإجتماعية والإنسانية وتنظيم الإحتفالات فى كافة المناسبات وذلك بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والمؤسسات الأهلية والجامعات من أجل الإرتقاء والنهوض بالمجتمع وتنميته وتطويره .
فإن كنت ترغب في استكشاف التاريخ الغنى بالمعرفة والثقافة والإستمتاع بجو ترفيهى ممتع عليك القيام بزيارة متحف القوات الجوية المصرية.
وختاماً … كل الشكر والتحية الواجبة لمن صنعوا لنا الماضي، ومهدوا الطريق لنا حتى نصنع حاضرنا، ونحن الأن بدورنا نمهدالطريق للأجيال القادمة حتى نصنع المستقبل …
