كلكامش نبيل يكتب | الحرب على الإرهاب تحت المجهر الأميركي

0 243

كانت سهرة البارحة مع فيلم “أسود وحملان” للمخرج روبرت ريدفورد وبطولة توم كروز (بدور السيناتور الجمهوري إيفرينغ) وميريل ستريب (بدور الصحافية جانين روث). الفيلم من العام 2007 ويتحدث عن ثلاث قصص بالتوازي هي: لقاء صحافي بين السيناتور الجمهوري والصحافية روث للحديث عن استراتيجيته الجديدة في الحرب على الإرهاب؛ ولقاء بين أستاذ جامعي يدرّس العلوم السياسية وطالبه الأبيض الذي بدأ يتغيّب عن الحصص الدراسية ونقاشات مع الطلاب عن الدبلوماسية والتدخل الأميركي في الخارج؛ ومشهد الجنود في أفغانستان وحربهم ضد الإرهاب وطالبين جامعيين كانا قد تطوعا للذهاب إلى الحرب للتخلص من الديون ووقوع الطالبين في فخ أفغاني.

الفيلم غير مشوّق، ويشبه كثيرا نقاشات سياسية أكثر من أي شيءٍ آخر؛ نقاشات وآراء متضاربة ويبدو أن الأشخاص أنفسهم لا يعرفون ما يريدون. الاستاذ الغني الذي درس في جامعة مرموقة ومدارس ممتازة يحث الطلاب على التدخل والانخراط في الحياة والشؤون العامة ولكنه في الوقت ذاته قد أصيب في تظاهرات ضد الحرب في فيتنام وعند حديثه مع الطالب الذكي الذي بدأ يرفض المشاركة ويرى أنها غير مجدية، يبدو وكأنه يشيد بذهاب الزميلين (الأفريقي واللاتيني) للحرب ولكنه في الوقت ذاته يقول إنه كان يرغب في ثنيهم عن الذهاب. تتمثل فكرة الأستاذ في أن من الأفضل فعل شيء حتى لو لم نكن نتوقع الحصول على نتيجة. حاول الفيلم التركيز بصورة غير مباشرة على الطبقية وأن الأفارقة واللاتينيين يذهبون للحرب التي يروج لها البيض – وهذا غير صحيح. مع ذلك، نرى أن الطالب يقول لأستاذه مثلا بخصوص أن من لا يجيد القيام بشيء يتوجه إلى التعليم.

في النقاشات بين السيناتور والصحافية، يصوّر الفيلم تخبط السيناتور وأنه يروّج لاستراتيجيته الجديدة وضرورة التركيز على الوقت الراهن ونسيان الماضي ولكنه يقر بوقوع أخطاء – دون أن يعرف ماهية هذه الأخطاء – بل حاول الفيلم جعل هذا السيناتور جزء من الخطأ عندما قال لها بأن المشكلة تكمن في أن المعركة تُقاد من أشخاص لم ينزفوا يوما في حرب، فسألته الصحافية إن كان قد نزف في معركة ذات مرة. قال لها أنه جزء من الاستخبارات لأنه متفوق في هارفارد. في الوقت ذاته، واصلت الصحافية الهجوم عليه بخصوص حرب العراق وركزت على أنه يكذب بخصوص الملف النووي الإيراني وأن هناك دعم إيراني للجماعات الإرهابية الوهابية – لكن السيناتور ذكرها بأن صحيفتها دعمت الحرب على العراق وأنها شريكة في ذلك وسألها: لقد اعترفنا بأخطائنا، فمتى ستعترفون بأخطائكم وأنكم شركاء في هذا؟ – ويقصد الصحافة. يظهر الفيلم صور السيناتور – الذي يلعب دوره توم كروز – مع كولن باول وجورج بوش الإبن وكونداليزا رايس وقطعة تحمل اقتباس لروزفلت بوجوب فعل ما هو صواب دائمًا – حتى لو تم تخييره بين الصواب والسلام – ومقولة لذات الصحافية التي تقابله.

الحوارات في الفيلم قيّمة جدا، ولكنك في النهاية لن تصل إلى نتيجة، الأمر يشبه فتح تساؤلات وتركها مفتوحة ليجيب المشاهد عليها بنفسه. هناك جدليات كثيرة مثل: مبررات التدخل في الخارج أو الاهتمام بالداخل الأميركي فقط؛ اهتمام السياسيين بتسويق أنفسهم على أنهم حماة للبلاد من أجل المناصب؛ بحث الصحفيين عن أي موضوع لتغطيته ومحاولتهم لوم السياسيين في أمور قد يكونون جزءًا منها؛ إثارة مسألة العرق والطبقة في الولايات المتحدة؛ ودور الجامعات في التأثير على الشباب؛ وموت الجنود في دول بعيدة.
الفيلم بنهاية مفتوحة مثل الحرب على الإرهاب، وقد كان بمثابة جرعة كثيفة من النقاشات، ولا يناسب سهرة هادئة أبدًا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.