مؤمن سليم يكتب | صنع فى مصر

0 534

” نحن إذًا، أيها السادة: نعمل للصناعة فنأخذ بيدها صغيرة في مصر حتي تكبر وتشابه الصناعات الكبري في الخارج” بتلك الكلمات البسيطة عبر طلعت باشا حرب والذى حلت علينا ذكرى رحيله فى الشهر الماضي، عن مفهومه عن دور التمويل فى الصناعة. لا أحد يجهل أهمية الصناعة فى الإقتصاد، يكفى أننا كلما تأزمنا اقتصادياً تعالت الأصوات للبحث عن الصناعة وتحفيزها.الصناعة التى تشترك مع كافة القطاعات الاقتصادية، فلا زراعة دون صناعة لمعدات الري وصناعة المبيدات ولا صحة دون صناعة لأجهزة طبية وصناعة دواء، ولا تعليم دون صناعة لتكنولوجيا التعليم والمعدات المدرسية، ….الخ.
عملت الحكومة خلال السنوات السبع الماضية على تعزيز القطاع الصناعى من خلال سياسات عمودية وأفقية تنوعت بين إنشاء المجمعات والمدن الصناعية، وتعديلات تشريعية كانت أبرزها تعديل قانون التراخيص الصناعية وقانون تفضيل المنتجات المحلية فى العقود الحكومية، بالإضافة إلى عدد من التعديلات على البنود الجمركية، وصولاً لحجم صادرات تاريخي وصل إلى 32.4 مليار دولار العام الماضى. ونطمح للوصول إلى مائة مليار دولار قبل 2030، ولدينا إمكانيات تؤهلنا للوصول لأكثر من ذلك الرقم، -خاصة مع إنخفاض سعر العملة المصرية- والذى من شأنه تعزيز الصادرات، إلا أننا لدينا أيضاً عدة معوقات تؤخرنا فى تحقيق هذا الطموح، والتى يمكن إيجازها فى #البيروقراطية.
“البيروقراطية” تلك الإجراءات السخيفة والمعقدة والمُذلة المستمرة لأكثر من نصف قرن التى تواجه كل من يتعامل مع الحكومة، هناك أجيال قضت نحبها وهي تدعو الله وتعمل من أجل أن تخلص من البيروقراطية، عملت الحكومة على الحد منها ولايمكن إنكار أن هناك تحسن ملموس فى الحصول على بعض الخدمات، خاصة مع إجراءات وخطوات التحول الرقمي التى أقتربت من أن تشمل أكثر من نصف الخدمات للأفراد الطبيعين، إلا أننا مازال لدينا طموح فى القضاء عليها نهائياً خاصة فى مجال الاستثمار والصناعة.
فى إطار تطوير القطاع الصناعي عمدت الحكومة على القضاء على العشوائية الصناعية من خلال إعادة تنظيم وتطوير وتجميع الورش الخاصة بالصناعات المتعددة فأنشات دمياط للأثاث والروبيكي للجلود وتعمل على تطوير غزل المحلة للنسيح، إلا أنه وعلى الرغم من صحة التوجه والإجماع عليه إلا أنه قد جانبه العوار فى التنفيذ، فلم تحظي تلك القرارات بمناقشات مجتمعية موسعة مع الأطراف المعنية بها، فضلاً عن التكلفة العالية الخاصة بالنقل والتى لم تواجه دعم أو تمويل ميسر من البنوك. كما أن تلك المدن الصناعية بحاجة إلى مشروعات جديدة تُطلق فرص عمل وتعمل على زيادة الإنتاج ما ينعكس على مؤشرات التنمية، الأمر الذى دعا إلى تعديل قانون تنمية المشروعات، وفى عام 2020 صدرت نسخة جديدة من القانون، كما حظى هذا الملف بتوجيهات رئاسية للعمل على دعمه وتحفيزه وتشجيع الشباب على التوجه نحو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث أن العالم أجمع على أن هذا القطاع سيكون قاطرة الاقتصاد فى الأعوام المقبلة، خاصة مع زيادة السكان وشراهة الاستهلاك وعدم قدرة الشركات العملاقة الكبيرة على سد حاجات الأفراد من عمل ومواد استهلاكية. ومع ذلك حتى الان لايمكن لأى شاب التوجه لتأسيس شركة أو مصنع والعودة فى نفس اليوم بأى إنجاز يذكر، البيروقراطية مرة أخرى.
التمويل عصب الصناعة والخام الرئيسي لها، تواجه معظم المصانع مشاكل تمويلية، كما تواجه المصانع حديثة الإنشاء صعوبة فى الحصول على تمويل من البنوك، إذاً كيف ستنمو الصناعة وتنمو الصادرات دون إنشاء مصانع جديدة وكيف ستعمل المصانع الجديدة دون تمويل وكيف تحصل على التمويل إذا كانت قواعد الإئتمان البنكى تتطلب منه خبره زمنية من العمل؟؟ يمكن لمحافظ البنك المركزى الجديد الذى يأمل فيه المصريين بالمرور بهم من هذه الأزمة الاقتصادية أن يعيد تنظيم قواعد منح التمويل للقطاع الصناعى وإعطاء أولوية للصناعة التى تستهدف المنتجات المستوردة، لتقليل فاتورة الإستيراد. على أن يصاحب ذلك إعادة صياغة لبرنامج دعم الصادرات وتحديد جداول زمنية محددة لرد أعباء التصدير.
نحن فى حاجة شديدة لإستراتيجية تحفيز الصناعة، تعمل الدولة من خلالها على تيسير الإجراءات وإنهاء البيروقراطية، وتوفير التمويل، والعمل على دعم القطاع الصناعى لمدة ثلاث سنوات من خلال التغاضي عن بعض الرسوم ومنح إعفاءات ضريبية، وحق انتفاع من الأراضي مقابل سداد قيمة المرافق فقط، ومراجعة أسعار الطاقة للمصانع. وأخيراً دعوة للحكومة ان تفتح حوار حقيقي وصادق نحو مستقبل الصناعة فى مصر دعوة تحت اسم “صنع فى مصر” كعلامة تجارية فى كافة دول العالم، إذا أتفقنا حتماً سيتحقق.

مؤمن سليم، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.