محمد كامل يكتب | الوقود الحيوي ومصادر الطاقة البديلة

0

شهدت السنوات القليلة الماضية اهتمامًا ملحوظًا بالوقود الحيوي كأحد مصادر الطاقة المتجددة، خاصة بعد إقرار بدء مرحلة نضوب النفط فى فترة زمنية قريبة، ما لم يتم العثور على بدائل أخرى “أكثر استدامة”. بالاضافة الي معاناة العالم من أزمة توفير الطاقة وارتفاع أسعار المصادر المختلفة لها. ومع تطبيق الاتفاقيات الدولية بخصوص فرض استخدام الوقود الحيوي (البيوديزل) ومصادر الطاقة النظيفة وخفض الانبعاثات وخطط التنمية المستدامة والمسؤولية الدولية للحفاظ على البيئة.
أدى كل ذلك إلى تفاقم أزمة الطاقة ومعاناة الدول التي لا تنتج الوقود الحيوي معاناة اقتصادية كبيرة بسبب تكلفة تدبير احتياجاتها منه، إذا لم يتم إنتاجه محلياً، ويعرف الوقود الحيوي بأنه الطاقة المستدامة من الكائنات الحية سواءً الحيوانية منها أو النباتية. وهو يعتبر من أهم مصادر الطاقة المتجددة على خلاف غيره من الموارد الطبيعية، مثل النفط والوقود النووي، لذلك سعت الكثير من الدول لزراعة أنواع معينة من النباتات خصيصاً لاستخدامها في مجال الوقود الحيوي، ومنها الذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة الأميركية، وقصب السكر في البرازيل، وزيت النخيل في شرق آسيا.
يتم إنتاج الوقود الحيوي من عدد من المحاصيل النباتية والطحالب والبكتيريا، وتعد الطحالب أحد أهم مصادر الطاقة لاستخراج وقود الديزل، خاصة وأن كيلو واحد من الطحالب ينتج تقريبًا 250 ملي وقود ديزل، ومن الممكن أن تتضاعف الكمية المنتجة من خلال تجارب وأبحاث وسلالات بها كميات دهون أعلى.وتتميز الطحالب عن بقية المواد المستخدمة في إنتاج الوقود الحيوي بأنها تنمو في المياه ولذا فإنها تتغلب على واحدة من المشكلات الأساسية التي تواجهها المواد الأخرى، وهي التنافس على الأرض مع المحاصيل الزراعية الأخرى، حيث تستطيع أن تنتج زيتًا نباتيًا، تتم معالجته كيميائياً للحصول على الديزل الحيويBiodiesel، القادر على تشغيل كثير من المحركات، كما إنها تتكاثر بسرعة فتضاعف الطحالب نموها خلال 24ساعة. بالاضافة الى ذلك, الطحالب تحتوى على محتوى زيت يزداد عن 50% من محتواها الكتلي في بعض انواع الطحالب لذا تم استغلال هذه النسبة لانتاج الوقود، وتتميز الطحالب أيضًا بالقدرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون لأنها تحتاج له لتنمو، فهي تمتص ثاني أكسيد الكربون بمعدلات عالية وتطلق الأكسجين بدلًا منه، والذي يمكن أن يساعد في تنظيف الانبعاثات من محطات الطاقة النووية ومصادر الطاقة الأخرى التي تطلق ثاني أكسيد الكربون.
كذلك، فإن الديزل الحيوي يتميز بأنه قابل للتحلل الحيوي Biodegradable وغير سام، ودرجة حرارة احتراقه بوجود الهواء حوالي 160 درجة سلسيوس، وهي أعلى من درجة حرارة احتراق الديزل الأحفوري والتي تبلغ 66 درجة سلسيوس، كما أن كمية غاز ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن حرقه أقل بكثير مما ينتجه الديزل العادي من غازات.
والدولة المصرية لها تجربة في ذلك فقد قام قطاع البترول بالعديد من الإجراءات والمبادرات لدعم جهود التحول الطاقة في مصر، وخفض الانبعاثات، بنحو 1.3 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً. فقد جاري التخطيط لتنفيذ 3 مشروعات في مجال البتروكيماويات الخضراء، وهي مشروع استخلاص زيت الطحالب لاستخدامه في إنتاج الوقود الحيوي، بطاقة إنتاجية 350 ألف طن سنوياً، باستثمارات 600 مليون دولار لخفض 1.2 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً. وهناك مشروع آخر لإنتاج البلاستيك القابل للتحلل، بطاقة إنتاجية 75 ألف طن، واستثمارات 600 مليون دولار، لخفض 45 ألف طن ثاني أكسيد كربون سنوياً، ومشروع ثالث تحويل مخلفات البلاستيك إلى زيت، لاستخدامه كمادة خام لتصنيع البولي إيثيلين بطاقة إنتاجية 30 ألف طن سنوياً باستثمارات 50 مليون دولار لخفض 63 ألف طن سنوياً من ثاني أكسيد الكربون.
فالدولة المصرية لديها فرصة ذهبية للاستثمار في هذا المجال نظرًا للإمكانيات والمقومات التي تمتلكها والتي تتمثل في 192 مليون فدان صحراء فضاء و2800 كيلو شواطىء مياه مالحة بأعماق تصل إلى 80 كيلو فضلاً عن الطاقة الشمسية المتواجدة على مدار العام، وبذلك تصبح جميع المقومات اللازمة للاستثمار في مجال الطحالب متاحة في مصر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.