محمود القط يكتب | مواقع التواصل والسلام الاجتماعي

0

إن مفهوم الأمن القومي هو قدرة الدولة على تحقيق التنمية الشاملة بالتعاون بين جميع مؤسساتها وهو لا يقتصر على حدودها الداخلية فقط بل كل ما يؤثر على مقدراتها و شؤونها خارج حدودها هو التعريف الذي يعتبر الأكثر توافقا بين تعريفات الأمن القومي المختلفة وهو ايضا الذى يوضح جيدا أن الأمن القومي ليس شأنا أمنيا فقط ولكنه شأن يشمل كل مفاهيم القدرة و الشمولية و العمل المؤسسي الذي يحقق التنمية والاستقرار ومما لا شك فيه أن السلام الاجتماعي ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي فكلما كان المجتمع يعيش حالات من الاستقرار والوعي الحقيقي بالمخاطر والتحديات والمعرفة الحقيقية بما يتم على أرض الواقع من خطوات هى تنفيذ سياسات ربما نتفق أو نختلف عليها إلا أن الحقيقة الواضحة تتسبب دائما في حالة من الاتزان النفسي الذي يبني انطباعاته و مزاجه على معلومة حقيقية و ليست مختزلة أو مجتزأة وفي كثير من الأحيان مشوشة و هنا نجد أن مواقع التواصل الاجتماعي باختلاف اسمائها وتعدد أدواتها تحولت تدريجيا إلى أدوات مرئية ومقروءة ومسموعة والاهم من كل ذلك أنها مجانية لا يحتاج من يستخدمها سوى استخدام منصاتها فقط لتقوم الآن هذه المنصات بدور كبير في تشكيل المزاج العام للمجتمعات وتوجهها كيف ما تشاء وقت ما تشاء.

ولكي نكون منصفين لم يعد المستهدف العالم العربي أو الإسلامي فقط بل أصبح الانسان مستهدف في كل مكان ليتم السيطرة على انطباعه و سلوكه وفق ما يريده من يسيطر على مجريات الأمور في منصات التواصل الاجتماعي التي هى المدير المسيطر على مواقع التواصل الاجتماعي و هذا أمر أصبح يحتاج منا إعادة شاملة لتقييمنا للتعامل مع المنصات التي أصبحت الجزء الأكبر من حياة الإنسان في كل أنحاء الكرة الأرضية وسوف نطرح تساؤلات بسيطة و لن نفرض إجابات بعينها ألم يصبح من الغريب التسابق الغير مبرر في نشر حالات الوفيات التي لم تعد تقتصر على الأقارب من الدرجة الأولى والأعزاء فقط بل أصبح سباق لجمع التعاطف سواء بالتعليقات أو الرموز وأصبح أحد الأدوات للتعبير عن الذات أو الوجود وقد أصبح أثره السلبي أعمق من ذلك بكثير فهو ينشر حالة من الإحباط اللاإرادي وحالة من الطاقة السلبية التى تؤثر تأثيرا سلبيا على السلوك المجتمعي ولم يكن رسائل التعازي فقط هى التطور أو التمحور الجديد لفيروس الطاقة السلبية والتأثير السلبي على السلام الاجتماعي بل هناك أيضا التباهى غير المبرر بالمرض و بإجراء الجراحات في المستشفيات فأصبح أمر غريبًا جدًا أن يحرص العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي على تصوير أنفسهم أو ذويهم قبل أي عملية جراحية أو بعدها، ولو بحثنا عن السبب الظاهري سنجده نفس سبب رسائل التعازي وهو البحث عن الوجود والذات والسبب الخفي الذى لا يقصده الكثيرين هو نشر حالة الاحباط والأسى مما يؤثر تأثيرا سلبيا على السلام الاجتماعي.
لقد تحور فيروس منصات التواصل الاجتماعي ليطور من نفسه تطويرًا جديدا فبعد نشر الشائعات وتزييف الحقائق أصبح الآن نشر التعازي والأوبئة والأمراض. لذلك يجب علينا ألا يتم استخدامنا كأدوات وأن نقوم بتوظيف منصات التواصل الاجتماعي لما يحقق النفع و الفائدة للأفراد والمجتمعات وأن ننتبه لما يتم تسريبه لنا من خصائص جديدة تتسبب في أضرار علينا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.