محمد ماجد بحيري يكتب | نحو أحزاب سياسية مستدامة

0 803

هناك أزمة ثقة بين المواطن والأحزاب نظراً لعده عوامل، من أهمها الإرث التاريخي بعدم مصداقية الأحزاب في تنفيذ ما يروجون له من مشروعات وخدمات يقدمونها للمواطنين، ترضي أحلامهم وتطلعاتهم المستقبلية، لاسيما عن غياب الأرضية السياسية لأعضاء الأحزاب وعدم معرفة غالبيتهم من قِبل المواطنين المرشحين لهم في أي انتخابات، وهذا لافتقاد كثيرًا من الأحزاب آليات العمل الحزبي على أرض الواقع لاكتساب جماهيرية قوية تدعم الحزب في المواجهات السياسية المختلفة، ففي السابق، كانت الحياة الحزبية بمصر لا تمتلك رؤية سياسية واضحة، خاصة إزاء القضايا الإقليمية والدولية، وانحسار التفكير في الشأن المحلي فقط، دون الاهتمام بالأزمات الدولية التي تحيط بالدولة المصرية التي لا تقل أهمية عن الداخلية، ودون النظر للصالح العام للوطن، والآن هناك فرصة كبرى للأحزاب خلال الفترة المقبلة لتكوين رؤية واستراتيجية قوية تمنحهم شعبية للتأثير في الشارع المصري، ونواه حقيقية لبناء أحزاب ذات فاعلية، قادرة على تحويل المشهد الحزبي لصورة تُزيح الصورة السيئة في الماضي.
فتُعتبر الأحزاب صاحبة الدور الرئيس في عملية التنمية السياسية، للمشاركة في بناء ديموقراطية ودولة حديثة؛ وذلك من خلال الاهتمام بالقضايا الوطنية والقومية، والسعي لبناء كوادر حزبية شبابية مثقفة سياسيًا واقتصاديًا، لتصبح رموزًا تمتلك مهارات القيادة والإدارة، ولديها الرؤية والأهداف، قادرة على ووضع خطط واستراتيجيات مستقبلية للنمو والتنمية، بهدف تحسين كفاءة أداء النظام السياسي، وتقديم البدائل المختلفة للتعامل مع القضايا المتعددة، وتعزيزًا لعملية المشاركة السياسية، واستيعاب القوى الاجتماعية والاقتصادية الجديدة في المجتمع، لاسيما عن تبني الأحزاب حركة تنوير شاملة، لسد المساحة التي تركتها الجماعات المتطرفة في الشارع، والعمل على تقليص عدد الأحزاب، باندماج أصحاب الفكر أو المنهج الواحد في اتحاد حزبي؛ بهدف تبادل الأفكار والخبرات، وذلك لتعزيز الحياة الحزبية، فكلما تقدم النظام السياسي في طريق التنمية السياسية كلما زادت قدرته على الإبداع والتكيف في مواجهة التغيرات المستمرة التي يمر بها المجتمع، مما ينعكس على حماية الأمن القومي للدولة.
ودور الدولة التعاون مع الأحزاب بمختلف توجهاتها والتنسيق الرؤي والاتجاهات لبناء الحياة الحزبية المصرية، وتفعيل دور المراكز البحثية ومراكز الفكر، من خلال عقد ندوات وورش عمل بقصور الثقافة ومراكز الشباب لتوعية الشباب الصاعد بالفكر الحزبي والسياسي وأهميته للدولة، ودراسة إمكانية وضع ميزانية مالية لدعم الأحزاب، وإصدار تشريع بذلك.
والمواطن ليس لزامًا عليه الانضمام إلى حزب معين للعمل بالسياسة، أو يكون له فرصة عمل ما داخل الحزب، لكن عليه أن ينصت دائما لصوت العقل في التفكير والاختيار لما هو متفق مع آرائه وايديولوجياته دون التجريح في الآخر، وعدم الانجذاب للأحاديث البراقة التي تحيد عن المنطق والمعقول، ومتابعة وتقييم ما تقوم به الأحزاب من أفعال على أرض الواقع، وعدم الالتفات للأحزاب التي تشوب أفكارها بالمناهضة ضد دين أو جنس أو عرق، وتحرض ضد الدولة.
لابد من التفكير في المستقبل للاستعداد بما تملكه المرحلة المُقبلة من تحديات علينا مواجهتها داخليا وخارجيا، قبل الدخول في دوائر مغلقة لا نخرج منها ونعيد الكره مره أخرى، فعلى الأحزاب أن تحدد أهدافها بوضوح، وتُغيّر النمط الفكري لدى المواطن المصري والقيادة السياسية عن الأداء السياسي والعمل الحزبي، وتتبنى رؤية مستقبلية بما يتماشى مع رؤية الدولة المصرية وخطة التنمية المستدامة (مصر 2030)، حتى لا تكون حصان طروادة الجديد لجماعات أو تنظيمات أو أفكار تهدم ما بدأناه، ونحو أن تكون أحزابًا سياسية أكثر استدامة، يتحقق من خلالها أهداف الجمهورية الجديدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.