محمود حبيش يكتب | استقلال الخيال

0

دائماً ما كانت الحقيقة وليدة الخيال والخيال إما ان يكون الأمل لصنع المستقبل وتحقيق المعجزات وإما أن يكون الوهم الذى يجعل الخطر مريحاً ويخدر الناس إلى أقدارهم، واستقلال الشعوب يبدأ باستقلال الخيال.

في يوم ما كانت الاختراعات الحديثة التى نعيش فيها اليوم مجرد خيالات فى رؤوس مخترعيها، فلا كانت السيارة الأولى سوى عربة تُجر بدون خيول، ولا الطائرة الأولى سوى حلم لرجل يطير بجناحين ويركب الريح ويطوي المسافات طياً، ولا تصور الرسام دافنشي للمروحية الأولى سوى شيطان طائر في إحدى لوحاته.

وكذا حال الشعوب وتكوين الدول، إن ما تعيشه بعض بلادنا العربية و بعض جيراننا في القارة السمراء من القهر والتخبط والاستعمار ما هو إلا الخيال المخدر الذى زرعة المستعمرين والمنتفعين من تخلف هذه البلاد واستمرار حالة الفوضى بها، فيُغزون لشعوبها الوهم بأنهم أقل من الغرب وجنس أقل مكانة في الفكر والابتكار ويصنفونهم على أساس اللون والعرق والدين وانهم غير قادرين على إدارة أنفسهم بأنفسهم ويتحكمون فى مصائر البلاد والعباد، وحين يزول هذا الوهم ويتحول الخيال إلى الأمل ويصبح الشعب سيد قراره ويحتفظ بعاداته وتقاليده نرى نماذج تبهر العالم كله مثل رواندا واليابان بعد الحرب وتايوان بعد الاستقلال … الخ.

وكذا الحال فى بلادنا رأيناه بشقيه، فالخيال قاد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر إلى حلم القومية والقيادة الأفريقية، ومن بعده تمثل الخيال في الأمل وتجلى نصر أكتوبر العظيم ورد الأرض والعرض، ورأيناه يوم أتخذ الشعب قراره في ثورة يناير ٢٠١١ وسرق الإخوان من الشعب الأمل وزرعوا فيهم خيال الوهم بإسم الدين والخلاص فكانت النكسة في كافة مجالات الدولة وحوائج الناس واليوم تمثل الخيال فى الأمل لنهضة مصر بعد كبوتها والسير بخطى ثابتة نحو الجمهورية الجديدة واستعادة مصر لمكانتها الإقليمية وعلاقاتها الدبلوماسية بدول الجوار وحفظ الأمن والأمان بعد أن كادت الدولة تفقد سيطرتها على حدودها وأراضيها وتؤول إلى ما آلت إليه بعض دول الجوار.

فلنحافظ على الخيال الذى ينتهى إلى الأمل ولنعلم أننا أمة مبدعة صاحبة فكر وخيال بنَّاء ولا نسمح لأى أحد أن يقلل من ثقتنا بإمكانياتنا أو بمفكرينا أو بقيادتنا الحكيمة ولنقف يداً واحدة ضد حملات التشويه الممنهجة التى تريد أن تسلبنا هويتنا أو عاداتنا وتقاليدنا أو حتى أن نحيد عن الفطرة السوية التى خلقنا الله عليها.

حفظ الله مصر وجعلها كما تستحق أمة عظمى بين الأمم ورحم الله شهداء الفكر الأحرار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.