محمود مدحت مختار يكتب | ركود تضخم أم ركود تضخمي … إلى أين؟

0

من المتعارف عليه أن اقتصادات الدول جميعها بلا استثناء تقع في فلك ما يعرف بالدورة الاقتصادية Economic cycle، والتي في غمارها يمر الاقتصاد بمراحل وتقلبات مستمرة ما بين الازدهار والركود والانهيار، فتارة نجده في أزهى حالاته، وتارة أخرى نجده في حالة ركود أو انهيار. ولا شك أن ظروف الاقتصاد العالمي الراهنة قد أزادت من سرعة دوران عجلة هذه الدورة الاقتصادية، حيث ما زال الاقتصاد العالمي يواجه عددًا من الصعوبات التي تعوق نموه بشكل سليم وتعافيه. فالمتابع لحالته يجد أنه بعد أن كان قد بدأ التقاط أنفاسه بشكل تدريجي من تداعيات جائحة كورونا عليه، عصفت به من جديد أزمة أخرى لا تقل وطأة عن سابقتها وهي الحرب الروسية- الأوكرانية القائمة، والتي أزادت من اضطراب حركته ونموه، حيث التراجع من جديد في حركة سلاسل الإمداد العالمية والاستثمار والتجارة الدولية.
وفي إطار المحاولة لتفسير وتحليل ووصف ما تشهده معظم اقتصادات العالم في الوقت الراهن جراء الأحداث العالمية الراهنة، أُتضح أن مصطلحي التضخم والركود هما الأكثر استخدامًا، فالاقتصادات التي تشهد حالة من الارتفاع العام والمستمر في أسعار السلع والخدمات الخاصة بها خلال الآونة الأخيرة تم تشخيصها بأنها تشهد حالة من التضخم، وتلك التي تعاني من هبوط أو تراجع في معدل نموها الاقتصادي نتيجة تراجع معدلات الاستثمار بها وزيادة معدلات البطالة تم وصفها على أنها اقتصادات تعاني ركودًا.
إلا أن هناك مصطلح آخر قليلًا ما يتم الإشارة إليه في وصف معظم ما تشهده اقتصادات النظام الدولي الراهن، يجمع بين أعراض كلتا الحالتين السابقتين (التضخم والركود) معًا، وهو مصطلح “الركود التضخمي” Stagflation، والذي بدأ استخدامه لأول مرة في سبعينيات القرن الماضي، عندما لوحظ أنه من الممكن أن تتصادف أعراض التضخم والركود الاقتصادي في آن، إذ إنه قد يشهد الاقتصاد القومي للدولة ارتفاعًا واضحًا في المستوى العام للأسعار (تضخم)، في الوقت ذاته الذي تتباطىء فيه معدلات النمو الاقتصادي وتزداد معدلات البطالة. وهذا ما نجده في حقيقة الأمر قادرًا على تفسير الأحوال الاقتصادية في عددٍ كبيرٍ من اقتصادات العالم حاليًا.
ولأن لكل حادثة حديث، يتضح أن مصطلح الركود التضخمي هو الأدق استخدامًا والأكثر تناسبًا في وصف وتفسير الأوضاع الاقتصادية الراهنة محليًا وإقليميًا وعالميًا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.