محمد ماجد بحيري يكتب | الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان المصري

0

أطلقت الدولة المصرية الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وهي الأولى من نوعها لحقوق الإنسان فى مصر، وتُعتبر أول استراتيجية ذاتية متكاملة وطويلة الأمد فى مجال حقوق الإنسان فى مصر، والتي تتضمن المحاور الرئيسية للمفهوم الشامل لحقوق الإنسان فى الدولة، بالتكامل مع المسار التنموي القومي للدولة المصرية، الذي يرسخ مبادئ تأسيس الجمهورية الجديدة ويحقق أهداف رؤية مصر 2030، مشيرًا إلى أنها خطوة جادة على طريق حقوق الإنسان فى مصر، وتتضمن تلك الاستراتيجية تطوير سياسات وتوجهات الدولة فى التعامل مع عدد من الملفات ذات الصلة، وذلك بناءً على التقدم الفعلي المحرز خلال السنوات الماضية فى مجال تعظيم الحقوق والحريات، وتستهدف التغلب على التحديات فى هذا الإطار بهدف المزيد من تعزيز واحترام جميع الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مؤكدة على ترسيخ لما تقوم به الدولة فى مجالات دعم حقوق المرأة والطفل والشباب وكبار السن وأصحاب الهمم وجميع فئات المجتمع.
جاءت الاستراتيجية نتاج جهود حثيثة بذلتها اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان على مدار أكثر من عام على بلورة هذه الاستراتيجية، وذلك بالتعاون مع الجهات الوطنية والمجتمع المدني والمنظمات الإقليمية والدولية، فكانت أبرز ملامحها كالآتي (خريطة طريق وطنية طموحة في مجال حقوق الإنسان، أداة هامة للتطوير الذاتي في مجال حقوق الإنسان، تعكس وجود إرادة سياسية أكيدة لإعطاء دفعة للجهود الوطنية ذات الصلة)، واشتملت على أربعة محاور عمل رئيسة تتكامل مع بعضها البعض وهي (الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حقوق الإنسان للمرأة والطفل والأشخاص ذوي الإعاقة والشباب وكبار السن، التثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان).
تستند الرؤية المصرية لحقوق الإنسان إلى العديد من المبادئ، منها الالتزام بحرية التعبير وتكوين الجمعيات الأهلية والحق فى التقاضي، وتتبنى مصر دومًا حرية الفكر والإبداع والتفكير، حيث يحظى هذا المجال بتشجيع مباشر من قيادة الدولة، فالدولة المصرية تؤكد على قيم المواطنة والتسامح والحوار، ومكافحة التحريض على العنف والتمييز، فتبذل الدولة جهودًا كبيرة لتعزيز حقوق المواطنة، وهذا ما تجسد في إنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، بهدف دعم وتعزيز العمل بحقوق الإنسان فى جميع الجهات، حيث إن الاستراتيجية نابعة من فلسفة وطنية مصرية تراعى مبادئ وقيم المجتمع المصري، فالدستور المصري حقق نقلة نوعية في مجال حقوق الإنسان، ومن ثم تم وضع العديد من التشريعات التي تضمن للمواطن حقوقه السياسية، فمصر تمتلك بنية وطنية تعمل على حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وإسهامات المجتمع المدني واضحة وشراكته مع الدولة لا غنى عنها.
تولي الدولة المصرية اهتمامًا خاصًا بتعزيز حق المشاركة في الحياة السياسية والعامة، وتحرص على رعاية الشباب وتنمية قدراتهم وتوفير فرص العمل لهم والتعرف على الثقافات المتعددة، لاسيما أنها استطاعت أن تخطو خطوات كبرى نحو تمكين المرأة، وأن لديها إرادة سياسية قوية داعمة للفئات الأولى بالرعاية، ولا تدخر جهدًا فى تحقيق آمالهم وطموحهم، لأنها دولة ذات تراث قوي، يرسخ لمبادئ التسامح ونبذ العنف والتطرف، وضمان المساواة بين أبناء الوطن الواحد فى الحقوق والواجبات.
تم تكليف الحكومة باتخاذ كل الخطوات التي من شأنها تعزيز مواصلة جهود دمج أهداف حقوق الإنسان فى السياسات العامة للدولة، وفى إطار تنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، ودعوة الكيانات السياسية ومنظمات المجتمع المدني للاهتمام بإثراء التجربة السياسية المصرية، وبناء الكوادر المدربة من خلال توسيع دائرة المشاركة والتعبير عن الرأي فى مناخ من التفاعل الخلاق والحوار الموضوعي، والحرص على التوزيع العادل لثمار التنمية، وحق كل شخص فى التمتع بمستوى معيشي له ولأسرته، وكذا تعزيز التواصل مع منظمات المجتمع المدني وتقديم كل التسهيلات للتنفيذ الفعال لقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي ولائحته التنفيذية لنشر ثقافة حقوق الإنسان فى المجتمع، والحرص على بناء جهاز إداري كفء وفعال يتبع آلية الحكم الرشيد ويخضع للمساءلة، وينال استحسان المواطنين لمستوى الخدمات المقدمة لهم، ويتسم بالكفاءة والعدالة وعدم التمييز، مع تطوير منظومة تلقى ومتابعة الشكاوى فى مجال حقوق الإنسان، للاستجابة السريعة والفعالة، وتكثيف الجهود الوطنية، لبناء القدرات والتدريب فى مجال حقوق الإنسان، موجهًا اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، بتنفيذ ما جاء فى الاستراتيجية، مع الإعلان أن عام 2022 عامًا للمجتمع المدني.
من المهم دراسة دور الأحزاب السياسية فى نشر ثقافة حقوق الإنسان كجزء من مسئوليتها فى نشر الفكر الديمقراطي، وهذا ينبع من الدور الرئيس للأحزاب في تنمية الإنسان، فعليها تبنى حركة تنوير شاملة، ودمج ثقافة حقوق الإنسان ضمن خططتها واستراتيجيات عملها، وإعداد دليل استرشادي لحقوق الإنسان.

* محمد ماجد بحيري، باحث سياسي، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.