رامي جلال يكتب | قيراط الحظ وفدان الشطارة
نؤمن في مصر بأن “قيراط حظ ولا فدان شطارة” ولكننا ننسي أن “الحظ الجيد هو التقاء الاستعداد مع الفرصة”. الاتكال على الحظ خطأ وخطر، مثلما حدث مع أحد المهووسين في أميركا والذي ذهب لحلبة سباق الخيل، فوصل في الساعة الحادية عشرة من اليوم الحادي عشر من الشهر الحادي عشر (نوفمبر)، وكان هذا اليوم يوافق عيد الميلاد الحادي عشر لابنه، والصدفة الأكبر أنه لاحظ أن الجولة الحادية عشرة بها أحد عشر حصاناً، ففهم أن رقم (11) هو رقم حظه فوضع على الفور كل ما يملك من أموال على الحصان رقم (11)، ولكنه فوجئ في نهاية السباق أن هذا الحصان رقم (11) قد أحتل المركز الحادي عشر!!
يقولون إن قليل الحظ “يلاقي العظم في الكرشة” بينما “الحظ لما يواتي يخلي الأعمى ساعاتي”، عن نفسي لا أخذ الحظ مأخذ الجد. في يوم واحد كان باب الحظ في “المصري اليوم” يحذرني قائلًا: (قد يؤثر عطارد على ذهنك بالعمل، حاول الاعتماد على المساعدين)، بينما نظيره في “الشروق” يقول لي: (ينقصك مزيد من التأقلم مع فريق العمل لتتمكن من إبراز قدراتك الإبداعية). فيما كان أخيهم في الأهرام يؤكد: (تشعر بالراحة مع الآخرين وبالقدرة على تنظيم وقتك وأعمالك معهم). وهكذا الحال من التناقض في باقي الجرائد. وهذه الأبواب يكتبها محررون عاديون غير متخصصين (بفرض وجود تخصص في الحظ!).
أطرف ما قرأت عن هذا الصدد كان في مذكرات أستاذنا القدير حمدي قنديل (عشت مرتين)، حيث بدأ حياته محررًا لباب حظك اليوم، فكان أحيانًا يستخدمه لعمل مقالب لطيفة مثل أن ينتقم من جشع أحد السعاة بالجريدة فيكتب له في خانة برجه: (سوف تقوم بأعمال إضافية هذا الأسبوع دون أن تتقاضى مليمًا واحدًا).
أما الحظ السيء فهو نعمة للبعض لأنه يكون حجتهم في تبرير نجاح الآخرين. والصحيح أنه كلما احترم الإنسان العلم وآمن بالسببية، قل اعتماده على الحظ. الغوا أبواب الحظ بالصحف المصرية لأنها زوايا لا لزوم لها، ومساحة تكرس لفكرة الحظ على حساب قيم أخرى أهم، اهتموا بالعقل وعلموا الناس الشطرنج.
رامي جلال