قياتي عاشور يكتب | خريج صنايع والبخت ضايع

2

يمثل التعليم الفنى فى مصر 40% من طلاب المرحلة الثانوية سنويا، بنحو 1.9 مليون طالب، موزعين بين مدارس التعليم الفني الزراعي، والصناعي، والتجاري، والفندقي. وهو ما يمثل نسبة كبيرة من الشباب في إطار هذا التعليم، وبما أن الاقتصاد المصري يمر بطفرة كبيرة من زيادة المشروعات القومية، ومحاولات توسيع رقعة الأراضي الزراعية بالإضافة إلى التوسع في المنشآت الصناعية، وذلك يعني أن فرص العمل التي تتوفر، وسوف تتوفر، كبيرة، ولا يمكن استدامة هذه التنمية بدون عمالة فنية على مستوى عال ومؤهلة علميًا وتقنيًا في كافة مجالات العمل والإنتاج.

ولكن التعليم الفني في مصر يواجه مجموعة من التحديات أبرزها تدني نظرة المجتمع إلى التعليم الفني بوصفه يجمع هؤلاء الطلبة الذين لم يُحالفهم الحظ في الحصول على مجموع عالي في الشهادة الإعدادية مما يحول دون التحاقهم بالتعليم العام. وبالتالي تنعكس هذه النظرة على جودة التعليم والتدريب المقدم لهم. وتتجلى الأزمة في صعوبة العثور على فني ماهر للعمل في مصنع ما، أو فني سباكة أو نجارة، تلك المهن عشوائية المنشأ حتى الآن وتعتمد على الخبرات الموروثة من الآباء إلى الأبناء وليس بناء على تعليم وتدريب جيد.
وقد كشفت دراسة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية حول قضايا التعليم فى مصر، والتى أجريت على 2035 طالبًا وطالبة فى 17 مدرسة للتعليم الفني الصناعي بالقاهرة الكبرى، عن أن 42.8% من الطلاب يؤكدون أنهم سيلاقون حالة من تدنى التقدير المجتمعى بعد التخرج، و17.6% يكثرون الغياب من المدرسة، بسبب رؤيتهم أن التعليم الفنى ليس له مستقبل مضمون.
وهنا لابد أن نقف وقفة تأمل وتفكير وتدبر وتشاور حول هذا الوضع المتأزم، فبجانب ما تبذله الدولة من جهود تطوير ممثلة في عدد من المبادرات وبروتوكولات التعاون مع القطاع الخاص والتوسع في إنشاء المدارس التكنولوجية؛ إلا أن استقراء الواقع ونتائج الدراسات يشير إلى حاجتنا لتغيير نظرة المجتمع للتعليم الفني من خلال مجموعة من البرامج والسياسات أهمها:
رفع الحد الأدنى للقبول بالمدارس الفنية وذلك مسايرة لعرف المجتمع حتى يتم تعديل النظرة المتدنية للتعليم الفني، وذلك من خلال وجود شروط وقدرات معينة للالتحاق بمثل هذه المدارس لأن هذا سينتقي الطلاب الذين يستحقون هذا المجال وفي نفس الوقت سيعلي من مستوى هذا النوع من التعليم وسيمحي تدريجيا السمعة المتعلقة بالتعليم الفني.
تعزيز التعاون مع القطاع الخاص، وتوفير وظائف لخريجي هذه المدارس وحتى إن كان تحت شروط أو طلبات خاصة مثل تعيين الأوائل أو أصحاب الأفكار والمشروعات أو الموهوبين بالمصانع الكبيرة، وإيجاد منح دراسية لهم بالخارج مما يشجعهم؛ لأن هذا بكل بساطة سيزيد من التنافس بين الطلاب ومعارفهم وعملهم بالمهن والتدريبات لحصولهم على الوظيفة.
مع إمكانية فتح قبول طلاب التعليم الفني بمؤسسات التعليم الفني العالي من خلال امتحان القدرات، مما يقلل الفجوة بين النظامين ويعظم من القدرات المطلوبة. وكذا التوسع فى إنشاء الجامعات التكنولوجية لزيادة مسارات التعليم الجامعى أمام طلاب التعليم الفني.
والاهتمام بالجزء الثقافي لخريجي التعليم الفني بالقدر الذي يضعهم ضمن صفوة المجتمع. والعمل على استحداث وتعديل مسميات الوظائف بما يتلاءم مع التطور في المجال التقني والمهني الحالي.
وأخيرًا الاهتمام الإعلامي بالتعليم الفني أسوة بالتعليم العام، وإبراز فرص العمل المرموقة للخريجين وتقدير الأوائل والمتميزين، وتوجيه برامج ورسائل توعوية من خلال وسائل الإعلام الرسمية ووسائل التواصل الاجتماعي. وذلك للمساهمة في تغيير نظرة المجتمع عن التعليم الفني من اعتباره وسيلة لاستيعاب الفاشلين من التعليم العام إلى التركيز على دوره في معالجة البطالة والارتقاء بالاقتصاد.

*قياتي عاشور، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.

2 تعليقات
  1. عبدالله البرعصي يقول

    احسنت دكتور قياتي
    لخصت المشكله

  2. Eman Mohamed يقول

    مقال رائع وتوقيت الممتاز بالتوفيق دكتور قياتي .ودا كان أملأ من زمان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.