د. أحمد سلطان يكتب | التغير المناخي والطاقة المتجددة

0

الطاقة شريان الاقتصاد العالمي، ومحرك التنمية، وقلب التطور النابض ومؤشر النمو لجميع دول العالم، والدول التي تعتمد بصورة كلية أو جزئية على الطاقة التقليدية أو الوقود الأحفوري في توليد الطاقة، تعي جيداً نضوب هذه المصادر، وإذا أراد العالم معالجة قضية التغير المناخي، فعليه أولاً الابتعاد عن الوقود الأحفوري والاتجاه وبسرعة نحو نظم الطاقة منخفضة الكربون والقائمة في الأساس على التجدد، ولا شك فأن هذا التحول السريع يتطلب المزيد من العلم والابتكار، بيد أن التغيير العلمي ليس الجزء الأصعب في هذه المعادلة، فالتقنيات الأساسية موجودة بالفعل، وتتطور بصورة سريعة مع إمكانية نشرها على نطاق واسع.

الأجزاء الصعبة في عمليات التحول إلى الطاقة المتجددة ترتكز على كيفية التغلب على المقاومة الثقافية والمؤسسية لعملية التحول، مع الابتعاد عن الهيكل الحالي لنظم الطاقة الحالية والقائمة على الطاقة التقليدية أو ما تسمى الوقود الأحفوري، لأن الوقود الأحفوري ليس مُرسخًا فقط في تكنولوجيا نظم الطاقة، بل في النظم السياسية والمالية والمؤسسات، لذا فإن الاستجابة للتغير المناخي لا تتطلب استثمارات في الابتكار التكنولوجي فحسب، لكنها تحتاج كذلك إلى تعهد صريح وواضح بتغيير النظم الاقتصادية والفكر المؤسسي، فنظام الطاقة العالمي الحالي لازال يعتمد على الطاقة التقليدية والتي تساهم بأكثر من ٦٠ ٪ من انبعاثات غازات الدفيئة المسؤولة عن التغير المناخي، وعلى الرغم من المعدلات السريعة للابتكار التكنولوجي وعمليات خفض التكاليف، فإن تكنولوجيات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة لا تزال تتنافس وبشدة مع تكنولوجيات الطاقة مكثفة الكربون.
إذا تطرقنا إلى الحديث عن المساعي والجهود المصرية في قضية المناخ، فالدولة المصرية تسعي وبقوة لدعم جهود المجتمع الدولي في قضية التغير المناخي، وفي سبيل تحقيق ذلك تتوسع مصر في مشروعات الطاقة النظيفة والصديقة للبيئة، حيث وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي عددا من الوزارات والمؤسسات الحكومية للعمل بقوة على قضية وملف التغير المناخي، من أجل بيئة نظيفة في الأراضي المصرية، تحد من الانبعاثات الكربونية والاعتماد على الطاقة النظيفة، والعمل على التوسع في توليد الكهرباء من طاقة الرياح، وكذلك ضخ الاستثمارات في نشر ثقافة مشروعات الطاقة الشمسية، بدء من مشروع بنبان للطاقة الشمسية في أسوان وصولاً إلي نشر ثقافة توليد الطاقة الشمسية فوق أسطح البيوت، بدعم واضح من القيادة السياسية وأجهزة الدولة.
فى الأخير، فإن التغير المناخي هو من أهم القضايا البيئية في عصرنا والذي يضيف ضغوطاً كبيرة على البيئة وعلى مجتمعاتنا، وبدءاً من تغير أنماط المناخ التي تهدد إنتاج الغذاء، وصولاً إلى ارتفاع منسوب مياه البحر الذي يزيد من خطر حدوث فيضانات كارثية، فإن آثار التغير المناخي عالمية النطاق وغير مسبوقة من حيث المخاطر والحجم، وبدون البحث عن سرعة اتخاذ إجراءات جذرية الآن، سيكون التكيف مع هذه الآثار والمخاطر في المستقبل أكثر صعوبة وتكلفة، ومن الضروري أيضا نشر ثقافة التحول إلى الطاقة المتجددة على نطاق واسع يعني في المقام الأول تغيير أساليب إنتاج واستخدام وتوزيع الطاقة، ويعني أيضًا إعادة تقييم وإعادة ترسيم المسلمات المؤسسية والثقافية والمالية العتيقة المتعلقة بمجالات الطاقة المختلفة، كما يتطلب هذا تعلمًا بالممارسة، حيث تكتسب المرافق، والمنظمون، ومطورو الطاقة المتجددة، والمجتمعات، والعملاء خبرة في تنفيذ نظم الطاقة المتجددة.
لعلاج قضية التغير المناخي، يجب أن نضع نصب أعيننا ثلاث ركائز: أمن الطاقة والازدهار الاقتصادي، ورفاهية سكان العالم بأسره، وتغير المناخ وأهميته، وعلينا الاهتمام معها في آن واحد دون التهاون في واحدة دون الأخرى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.