د. أحمد سلطان يكتب | الوقود الأحفوري والحرب غير المبررة

0

بصفة عامة: للطاقة ثلاثة مصادر رئيسية لتوليدها، وفى مقدمتها الوقود الأحفوري والمتمثل في النفط والغاز والفحم، ثم الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، وأخيرًا الطاقة النظيفة والمتجددة كالرياح والشمس والأنهار، العالم يعيش وسط حالة من التحديات المختلفة من تحديات سياسية واقتصادية، والتي جعلت من مستقبل اقتصاد الطاقة والمفاضلة بين أنواعها المختلفة، معادلة صعبة الحسم، حيث يتغير واقع الطاقة بشكل عام وبوتيرة متسارعة ومتزايدة وعلى نحو غير متوقع، وبالأخص مع حالات تبدل الأوضاع السياسية والاقتصادية والتغيرات المناخية، وبالرغم من صعوبة دراسات استشراف قطاع الطاقة، فإنه هناك الكثير من التقارير العالمية والدراسات المختصة بتقديم توقعات ورؤية استشرافية لما سيكون عليه اقتصادات الطاقة مستقبلاً، حيث تعد الطاقة من أحد أهم المجالات المؤثرة في الأسواق العالمية المختلفة المالية.

بصفة عامة، ساعد الانحسار التدريجي لجائحة كورونا وعودة الأنشطة الاقتصادية، زاد الطلب على النفط ومشتقاته وخاصة مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية وارتباطها بارتفاع الأسعار لمستويات قياسية، هناك العديد من الأصوات علت مطالبة منتجي الوقود الأحفوري، وعلى رأسه النفط، تارة بخفض معدلات الإنتاج عندما انهارت الأسعار تحت ذريعة حماية البيئة من التلوث الأحفوري، ومن على نفس المنبر عندما ارتفعت الأسعار لمستويات قياسية تنادي نفس الأصوات بزيادة معدلات الإنتاج والسعي إلى إغراق الأسواق بالنفط، وطبقًا للدروس المستفادة تاريخيًا في صناعة النفط؛ نجد العديد من الأخطاء الاستراتيجية والتي بدأت تتضح ملامحها وهي الانسياق الغير المنطقي وراء التوجهات التي يقودها بعض الدول وصناع القرار والتي تنادي بتقويض بعض من مصادر الطاقة الاستراتيجية والتي يأتي في مقدمتها الوقود الأحفوري، والمبالغة الغير المدروسة والمحسوبة في إحلال مصادر الطاقة المتجددة، مرحلة تحول الطاقة أو بمعنى أدق عمليات الوصول إلى مزيج من الطاقة ذي كفاءة عالية في معدلات الإنتاج والاستهلاك، وصديق للبيئة يتفق مع التوجه العالمي في تحقيق أهدافه حول قضايا التغير المناخي والاحتباس الحراري، فرحلة تحول الطاقة ليست طريقا ممهدًا تحفه الورود من كل الجوانب، بل هي طريقا شائكا جداً يتطلب المزيد من التعاون الدولي وتكاتف الجميع وليس إطارًا واحداً يناسب جميع دول العالم، فمن المتعارف عليه أن ظروف دول العالم تختلف من دولة لأخري للوصول إلى الهدف العالمي، وأيضًا الظروف الاقتصادية والسياسية تختلف من دولة لأخرى، فالمنتجون للنفط يختلفون عن المستهلكين وكل فريق ينظر للقضية من منظوره الخاص ووفقًا لمصالحه الشخصية وللموازنة بينها وبين المصلحة العامة.

خلاصة القول، العالم ينمو نموًا سريعًا في جميع المجالات، نموًا يرافقه بطبيعة الحال نمو سريع في الطلب على الطاقة، وعليه يجب على الجميع العمل على رفع كفاءة معدلات إنتاج واستهلاك جميع مصادر الطاقة دون استثناء، وليس السعي الواضح لإقصاء بعض مصادر الطاقة أو محاولة تهميشها، فإنه من المتوقع وبحلول عام ٢٠٤٠ أن يحافظ النفط على موقعه باعتباره المصدر الأهم و الأكثر وفرة في العالم للطاقة، مع التزايد القوي في أهمية ودور الغاز الطبيعي؛ إن ضعف الاستثمار في هذا القطاع سيصنع فجوة بين العرض والطلب على الطاقة سيتأثر بها العالم أجمع؛ وستصل الأسعار إلى مستويات لن يتحملها المستهلكون، بينما سيفقد الفحم حصته في السوق العالمي لصالح مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة وبالأخص طاقتي الرياح الشمس، ومع عمليات التوسع العالمي في إنشاء المزيد من المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء في عدد أكبر من دول العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.