علاء عصام يكتب | مهزلة “انترفيو” المدارس الخاصة
للحقيقة يزعجني للغاية ونحن في القرن 21 أن أشاهد مدارس تقوم بعمل مقابلات شخصية للاهل تشترط فيها أن يكون كلا من الأب والأم تعليم عال و اعضاء في نوادي معينة ويعملون في وظائف راقية وغيرها من الشروط الغريبة وغير المنطقية التي لابد أن تتحقق لقبول طفلهم الصغير في المدرسة.
وهنا لدي بعض الملاحظات وأسأل ماذا لو كان الأب اضطر لسبب معين مفاجيء أن لا يكمل تعليمه فمثلا توفي والده في سن صغير واضطر للعمل ثم أصبح بعد ذلك رجل اعمال ومقتدر وذو سمعة طيبة والام متعلمة بقدر كافي لان تذاكر للطفل فما المانع من أن يُقبل الطفل في المدرسة، فهل ذنب الطفل أن والده لم يُكمل تعليمه وهل ذنب الزوجة انها قبلت ان تتزوج انسان حاصل على معهد سنتين مثلا وكأنها ارتكبت جريمة.
وسؤالي الثاني لماذا تشترط بعض المدارس ان يكون الاب يعمل في وظيفة راقية وبأي معيار تم تحديد الوظائف الراقية وللحقيقة أري تمييزا طبقيا في هذه المقابلات الشخصية ومخالفة صريحة للدستور كما أن هناك تمييز بين أبناء الطبقة الواحدة الغنية والفقيرة فما الذي يعيب أن يكون ابن جزار المقتدر ماليا تلميذا في مدرسة محلية أو دولية، وأطالب وزارة التربية والتعليم بأن تراقب المدارس الخاصة وتعاقب أي مدرسة تضع مثل هذه الشروط لقبول الطلاب.
وهناك البعض يدافع عن مثل هذه الشروط بحجة ان ابنائهم لابد وأن يعيشوا مع اطفال من أوساط راقية، وللأسف من يفكرون بهذه الطريقة لا يعرفون أنهم في حاجة للتربية والتعليم من جديد، وهم أنفسهم الذين يجب ان يتم اعادة تقويم فكرهم وسلوكهم، لاسيما وأننا تجاوزنا مثل هذه الافكار الطبقية، فحسب الدستور جميع المواطنين يحق لهم ان يعلموا ابناءهم وكل الاديان لا تفرق بين انسان واخر وتدعوا للعلم والقراءة، وفي الواقع العملي نشاهد في هذه المدارس التي تقيم الأبناء بمناصب آباءهم تنتشر فيها ظاهرة الغش والسلوكيات الفاحشة وبعض أبنائهم يتحولوا لمدمنين.
وهناك حجة أخرى مضحكة للغاية تشير إلى أن عدم تحدث الآباء اللغة الانجليزية والفرنسية سيحرم الطفل من المذاكرة في المنزل، حيث أن عدم معرفة الأم باللغات المختلفة سيؤثر بالسلب على مستواه التعليمي، والمضحك هنا أن المدرسة هي المكان الأساسي للتعلم والمنزل للجلوس مع الأهل وممارسة الحياة الطبيعية وأن يذاكر الطفل ما تعلمه بمفرده كما تعلم في المدرسة، كما ان اغلب الاطفال في المدارس الخاصة ياخذون دروس خصوصية بسبب انشغال الأم والأب، وأصبحت الدروس في المدارس اللغات بزنس مريب وأصحاب المدارس انفسهم شركاء فيه، ولهذا فهذه الحجة مضحكة وليس لها معنى على الإطلاق.
وفي ظني أن الانسان يولد طيبا وفيه الخير وسلوكه مستقبليا يكون نتيجة تفاعلات تحدث في بيئته فمن الممكن أن يكون الطفل ابنا لرجل يعمل في شركة دولية ويتحدث لغات ويرتدي ملابس غالية ويتحدث الانجليزية بطلاقة وبسبب انشغال الأب والأم عن ابنهم يتحول المدمن أو صاحب سلوك عنيف أو إيمانه بوطنه ضعيف، بينما قد يحدث العكس فمن الممكن أن يكون والد الطفل لا يتكلم لغات وليس ثريا ولكن ابنه يصبح من الاوائل وذو سلوك قويم.
أغلب الشخصيات المؤثرة في مجتمعنا وعالميا لم يكن آباؤهم متعلمين أو في مناصب مرموقة ومنهم : “محمد صلاح ونجيب محفوظ وأحمد زويل” وغيرهم كثر، بل كان أهلهم مهتمين بهم وداعمين لابنائهم بكل ما يملكون.
أخيرا هذه التفرقة الطبقية في المدارس الخاصة لها تاثير سلبي على فكر الطلاب والشباب وينمي في داخلهم الطبقية والاستعلاء والنزوع الشخصي.