رضا سليمان يكتب | الأحزاب السياسية والحوار الوطني
فى مشهد رائع اجتمع أكثر من أربعين حزبًا مصريًا تحت مظلة واحدة بعنوان “الطريق إلى الحوار الوطني” وذلك لتحديد النقاط الرئيسية التى يجب على هذه الأحزاب أن تشارك بها فى الحوار الوطني الذي دعا إليه السيد رئيس الجمهورية مؤخرًا وتبنت الدعوة الأكاديمية الوطنية للتدريب، واجتماع الأحزاب هذا أمر له من الروعة ما يجعلنا نقف أمامه بعض الوقت، فهل هو اجتماع كما ينتظره السيد الرئيس وتنتظره الجماهير، أم هو اجتماع شكلي؟ إن أردنا الدقة، ظهور الأحزاب السياسية وخروجها إلى الحياة العامة هو أمر ضروري طلبه السيد الرئيس بنفسه ذلك لأننا جميعًا فى الحقيقة نرى ونعلم أن هناك أحزاب كثيرة جدا لا وجود لها على أرض الواقع ولا تعلم غالبية الجماهير بوجودها من الأساس، والأصل فى الأحزاب السياسية أن تنبت من أرض جماهيرية لتعبر عنها، ولنتغاضى عن تلك الجزئية، أعنى جزئية المنشأ الجماهيرية، ولنتحدث عن جزئية التواجد الفعلي بين الجماهير، لسان حال معظم هذه الأحزاب أنها لا تمتلك ما يلزم للانتشار والنزول إلى الجمهور، بينما الأمر يجب أن يكون عكس ذلك، فلو أن لأى حزب قاعدة جماهيرية، ساعدته هذه القاعدة الجماهيرية على التواجد من خلال التفاعل الإيجابي والتطوعي أعضاء هذا الحزب، وعدم ظهور الأحزاب فى الشارع يعني تقصير من الأعضاء المؤسسين، وهو الأمر الذي لا يجب أن نثير فى اللحظات الراهنة، ذلك أنه أمر ماضي، أما الحاضر، الواقع، هو دعوة السيد رئيس الجمهورية إلي حوار وطني يضم كل الأطياف الفكرية، بالطبع بعيدًا عن جماعات الشر المحظورة و الممقوتة من كل أطياف الشعب لما ارتكبوه من جرائم في حقهم. اليوم أتت الفرصة للأحزاب السياسية لأن تؤكد تواجدها الحقيقي على أرض الواقع، لكن هذه الفرصة الحقيقية للتواجد لن تجدي إن لم تخرج هذه الأحزاب من قوقعتها وتدرس المطالب الجماهيرية الواقعية وتعبر عن نبضها بشكل حقيقي، وهو الأمر الذي يريده السيد الرئيس كما وضح فى حديثه الأسري الذى أعلن فيه ضرورة إجراء هذا الحوار. والأحزاب المشاركة من أجل التواجد داخل المشهد وفقط تحكم على نفسها مقدمًا باستمرارها فى تقوقعها والحكم على نفسها مستقبلا بالتلاشي، وفى المقابل سوف تتواجد الأحزاب التى ستعبر عن الجماهير بشكل حقيقي، ودعوتي فى هذا التوقيت وهذا الحدث التاريخي لهذه الأحزاب أن تنتشر بعيدًا عن العاصمة وتنبش أرض القرى والنجوع والكفور لتعود إلى مائدة الحوار الوطني بكل صغيرة وكبيرة من أجل جمهوريتنا الجديدة التى نأمل جميعًا بأن نتركها لأولادنا وأحفادنا، والأمر رغم صعوبته الظاهرة إلا أن ضرورته بل وحتميته تجعل على الأحزاب أن تمارس هذا النشاط، وهي فرصة حقيقية لانتشارها وتكوين قاعدة جماهيرية لها، لينطلق الجميع داخل هذا الإطار الجديد “الحوار الوطني” الذي يهدف إلى جمهورية جديدة يجب أن تقوم فى ظل ظروف عالمية هى الأصعب خلال عدة عقود، ظروف اقتصادية وصحية تجعل الدول تصارع للمعيشة فما بالنا بدولة مثل مصرنا تسعى لجمهورية جديدة. ما ظهر من تطورات عظيمة خلال السنوات القليلة الماضية والاتجاه الجديد نحو الريف “حياة كريمة” كلها أمور تؤكد أننا ننطلق على الطريق الصحيح رغم صعوبة المرحلة، وهو بناء تم على الأرض، اليوم ومع “الحوار الوطني” تأتي مرحلة البناء السياسي الحقيقي وهو الأمر الضروري للجمهورية الجديدة. وتلك دعوة السيد الرئيس وعلى الأحزاب السياسية تطبيقها بكل تفاصيلها وليس الاهتمام بجزئية الظهور والتواجد في المشهد وفقط.