د. كريم عادل يكتب | الدبلوماسية الاقتصادية المصرية

0

يُقصد بالدبلوماسية الاقتصادية استخدام الدولة لمقدراتها الاقتصادية في التأثير على الدول الأخرى، وتوجيه سلوكها السياسي في الاتجاه الذي يخدم المصلحة القومية لهذه الدولة، وتحقيق أهدافها التنموية الاقتصادية والاجتماعية بما يحقق النهوض والرفاهية لشعبها.

تسعى الدبلوماسية الاقتصادية المصرية إلى تحقيق عدة أهداف، تتمثل في دعم منشآتنا في التصدير إلى الأسواق الخارجية، واستقطاب استثمارات أجنبية تستحدث فرص العمل، وتكييف الإطار التنظيمي الإفريقي والأوروبي والدولي مع مصالحنا الاقتصادية الدفاعية والهجومية، والتعريف بحيوية منشآتنا ولا سيما شركاتنا الناشئة، ويبذل الوزراء كامل جهودهم في تحقيق هذه المهمة ويتناولون الملف الاقتصادي في جميع تنقلاتهم.
الدبلوماسية الاقتصادية أولوية سياسية، وقد نجحت الدولة المصرية في تحقيق إدارة ناجحة لملف الدبلوماسية الاقتصادية، بجهود مكثفة لوزارتي الخارجية والتعاون الدولي، مستفيدة من علاقتها المتميزة مع دول العالم في جذب وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، وتحفيز التجارة وتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية والثلاثية ومتعددة الأطراف.
تشكل هذه الجهود جوهر الدبلوماسية الاقتصادية للدولة المصرية التي تدعم في نهاية المطاف الاحتياجات والمستهدفات طويلة الأجل للدولة التي تم تسليط الضوء عليها في إطار “رؤية مصر 2030 و 2063” بما في ذلك الوصول إلى مائة مليار دولار صادرات.
الدولة المصرية تواصل العمل على خلق اقتصاد متنوع، مع الاستمرار في الاستفادة وجني فوائد مواردها الطبيعية الوفيرة، وقد أسهمت سياسة التنويع الاقتصادي التي تعتمدها الدولة المصرية في ترسيخ أسس متينة لاقتصاد تنافسي مستقبلي يركز على تحقيق النمو في مختلف القطاعات الحيوية، بما في ذلك الصناعة والزراعة والبنية التحتية والتجارة والسياحة والضيافة والتكنولوجيا وغيرها.
تلعب وزارتي الخارجية والتعاون الدولي دورًا هامًا في ضمان استفادتها من الاتجاهات الاقتصادية العالمية من خلال تعزيز مكانة الدولة كلاعب رئيسي على الساحة العالمية.
تجدر الإشارة إلى أن الدولة المصرية نجحت في تحقيق معدلات نمو موجبة وتستهدف معدلات نمو تفوق ما تم تحقيقه، إضافةً إلى نجاحها في جذب الاستثمارات الأجنبية لتصبح الأولى إفريقيًا والثانية على مستوى الشرق الأوسط بعد دولة الإمارات العربية المتحدة بشهادات وإشادات من كبرى المؤسسات الدولية التي تعد مؤسسات مؤثرة وهامة لدى صانعي السياسات ومتخذي القرار والمهتمين بعالم المال والأعمال لما تتمتع به التقارير الصادرة عنها من حيادية وشفافية، حيث يعزز نمو الدولة القوي والمستدام مجهوداتها المستمرة في تطوير القطاعات الاقتصادية المستهدفة.
تتطلع الدولة المصرية خلال المرحلة المقبلة إلى تحفيز اقتصادها، مع إعطاء الأولوية للاستثمار في التعليم والصحة وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي والزراعة والتصنيع، خاصةً في ظل امتلاكها لبرنامج الإصلاح الهيكلي الذي يستهدف زيادة الوزن النسبي لقطاعات حيوية مؤثرة في اقتصاد الدولة، وتبنيها لمجموعة من الاستراتيجيات والأدوات التي تساهم في تحقيق ذلك وعلى رأسها استراتيجية دمج القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وتعظيم الاستقادة من أصول الدولة الغير مستغلة من خلال صندوق مصر السيادي الذي يعمل على تحقيق تلك الأهداف وتأتي على رأس أولوياته.
أصبحت الدولة المصرية تتمتع بسجل حافل بالنجاح في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال نظام الإعفاء الضريبي، وبنيتها التحتية الأساسية والتكنولوجية المتطورة، وتذليل العوائق أمام إنشاء الأعمال التجارية المتنوعة.
وتبرهن الدولة باستمرار عن تصميمها على توفير أفضل بيئة تنظيمية ممكنة للاستثمارات، من خلال قانون الاستثمار رقم ٧٢ لسنة ٢٠١٧ الذي يحفز الاستثمار في العديد من القطاعات الاقتصادية، ويدعم هذا الإطار الجديد للاستثمارات تبني قيمة إقليمية وعالمية من خلال سلاسل الإنتاج التي تركز على الصناعات المتقدمة ذات القيمة المضافة للاقتصاد.
كما عملت الدولة على تسهيل الاستثمار الخارجي، من خلال إنشاء صناديق الأصول السيادية الناجحة وطرح الصكوك السيادية، وقد أصبحت الدولة من خلال هذه الأصول مستثمرًا رئيسيًا في العديد من الدول حول العالم، ويتم الاستفادة من عائدات هذه الأموال في نمو الدولة، مع تخصيص جزء كبير منها لمشاريع في مجالات الطاقة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية والرعاية الصحية والطاقة المتجددة. وتعمل وزارتي الخارجية والتعاون الدولي على دعم الجهود الوطنية في توقيع الاتفاقيات الثنائية ومعاهدات الاستثمار الثنائية (المعروفة أيضًا باسم اتفاقيات حماية وتشجيع الاستثمار).
الدولة المصرية أصبحت مركز إقليمي وعالمي لتميزها في قطاعات هامة وعلى رأسها الزراعة والطاقة، ويعزز من ذلك الموقع الجغرافي الفريد للدولة المصرية، فضلًا عن كونها تعد البوابة الرئيسية للعمل والاستثمار في إفريقيا.
تسعى الدولة المصرية إلى زيادة حجم التجارة، وهي تعتبر من أبرز المؤيدين للتجارة الحرة الإفريقية والعالمية، من خلالها جهودها الدائمة في ملف التكامل الإفريقي وتطبيق اتفاقية التجارة الحرة البينية الإفريقية.
امتدت جهود وزارتي الخارجية والتعاون الدولي للعمل بشكل وثيق مع وكالات ترويج الاستثمار والقطاع الخاص وصناديق الثروة السيادية، ومجالس الأعمال، وغيرها من الجهات الاقتصادية الفاعلة لضمان تحقيق نتائج ناجحة من خلال الدبلوماسية الاقتصادية، بهدف تعزيز القوة الاقتصادية للدولة المصرية وبما يحقق التكامل العالمي مع اقتصادات كافة دول العالم، وصولًا إلى الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية للشعب المصري ولكافة الشعوب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.