د. أحمد سلطان يكتب | الهيدروجين الأخضر وضرورة التصنيع المحلي

0

بعد عقود طويلة من استحواذ الوقود الأحفوري على منابع الطاقة العالمية، يتجه العالم لثورة جديدة في عالم الطاقة متمثلة في الهيدروجين الأخضر وهو الوقود الخالٍ من الكربون، ويأتي الإنتاج المرتقب للهيدروجين الأخضر في مصر في سياق الاهتمام العالمي المتزايد بالوقود البديل، وذلك من أجل خفض الآثر البيئي وإبطاء التغير المناخي، حيث يُمثل الاقتصاد الأخضر طوق النجاة للدول لمواجهة التحديات البيئية المتزايدة، والأزمات الاقتصادية الحالية قد تكون بابًا لفرص كبيرة، والدولة المصرية تمتلك فرص كبيرة الآن في ظل ما يشهده العالم لتكون مركز إقليمي للتصنيع من خلال توطين العديد من الصناعات والتي تمتلك مقومات تصنيعها، وآن الأوان أن يتم التصنيع المحلي، حيث تمتلك مصر موقع جغرافي متميز يُمكنها من إنتاج الهيدروجين الأخضر بشكل مثالي، بالإضافة إلي ثروة بشرية كبيرة يجب العمل على توعيتهم من الآن، ونشر أهمية الهيدروجين خلال السنوات القادمة، وبالشراكة مع القطاع الخاص لزيادة حجم الاستثمارات فى الطاقة الجديدة والمتجددة، وذلك في ضوء استراتيجية مصر للمضي قدمًا في تفعيل آليات وأدوات التنمية المستدامة والحفاظ على الرفاهية التي تحققت بفعل سنوات التنمية الاقتصادية السابقة، كانت مصر نموذجًا إفريقيًا في مجال التحول نحو الاقتصاد الأخضر عبر الكثير من المشاريع والتي من أهمها إنتاج الهيدروجين الأخضر، ويحظى الهيدروجين الأخضر في مصر باهتمام كبير ومتزايد، خاصة مع توافر إمكانات الطاقة المتجددة، وتزامنًا مع استعدادات الدولة المصرية لاستضافة الدورة رقم ٢٧ لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والمقرر عقدها في نوفمبر المقبل بمدينة شرم الشيخ، أعلنت الحكومة إطلاق خطة وطنية للهيدروجين بقيمة تخطت ٤٠ مليار دولار في الأشهر القادمة، إدراكًا منها لأهمية إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا وتخزينهما وتجارتهما، في إطار استراتيجيتها للتنمية الاقتصادية، ومن المتوقع أن تصل تكلفة مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، دون بنية تحتية إضافية نحو حوالي ٢٠ مليار دولار، وبصفة عامة يحظى الهيدروجين الأخضر باهتمام متزايد من الدول كافة، بوصفه أحد أنواع الوقود الخالية من الكربون، في إطار خطط التحول إلى الحياد الكربوني، وخفض الانبعاثات من قطاع الطاقة، ولم تكن الدولة المصرية بمعزل عن الحراك العالمي نحو الهيدروجين الأخضر، خاصة أنها تتمتع بإمكانات كبيرة للطاقة المتجددة، مما يؤهلها لتقديم دور كبير في سوق الطاقة المستقبلية، مستغلة في ذلك موقعها بالقرب من أسواق الطاقة العالمية في أفريقيا وآسيا وأوروبا، وتماشيًا مع التوجه العالمي في مجال الطاقة المتجددة، والنظرة إلى الهيدروجين الأخضر باعتباره وقود المستقبل، والمتوقع بأن يغطي نسبة حوالي ٢٥٪ من حاجة العالم من الطاقة بحلول عام ٢٠٥٠، فقد وجه السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال اجتماع في يوليو من عام ٢٠٢١ مع الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، بإعداد استراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين بالتعاون مع جميع القطاعات المختلفة بالدولة المصرية، بهدف امتلاك مصر القدرة في مجال توليد واستغلال الهيدروجين بالشراكة مع الخبرات العالمية، ولإضافة طاقة الهيدروجين الأخضر للمنظومة الوطنية المتكاملة للطاقة.
ختامًا، صناعة الهيدروجين الأخضر في مصر تنتظر مستقبلًا واعدًا، لما تمتلكه مصر من مقومات كبيرة، حيث مصر تتميز بتوافر مصادر الطاقة المتجددة، كما تتميز مصر بقربها من أسواق الاستهلاك الرئيسة في أوروبا، بالإضافة إلى تواجد الإرادة السياسية التي تولي هذا الملف اهتماما شديدًا ومستمرًا، كل هذه الجهود من شأنها تحويل مصر إلى ممرًا لعبور الطاقة الخضراء إلى دول العالم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.