د. رامي عبد الباقي يكتب | تخفيف أحمال

0

لتلتقط أنفاسك قليلاً عزيزي القارئ وتُهدئ من أعصابك قبل اتخاذ أيّ ردة فعل قد تكون مُناسبة أو غير مُناسبة تجاه عنوان المقال

لست هنا بصدد التحدث عن مُصطلح تخفيف الأحمال والذي صار مُصطلحا ًسيء السمعة في البلاد لقرابة العشر سنوات أو أكثر وكُنا قد نسيناه بعد الطفرة الكبرى التي حدثت للبلاد في بنيتها التحتية على كافة الأصعدة قبل أن يعود ليطفو من جديد على سطح الأحداث ويتبوأ مشهد الصدارة دون أيّ مُبرر واضح أو سبب مُقنع .. ولكننا سنتحدث عن معنى آخر لنفس المُصطلح
سنتحدث عن تخفيف الأحمال عن عاتق الشعب المصري.
أقدم وأعرق شعوب الأرض وصاحب أول وأكبر الحضارات التي بُنيت على مر التاريخ .. ذلك الشعب الأبيّ والذي تحمل طيلة سنوات حياته وتحديداً في السنوات الماضية ما لا يستطيع أيّ شعب آخر تحمله في سبيل الانتصار وفي سبيل حياة كريمة يستحقها .. وسينالها
شعب مصري تحمل أكثر من ثلاثين عاماً من الفساد المُنتشر والمتغلغل في كافة مفاصل الدولة وأنحاء الحياة من فساد سياسي واجتماعي وطبقي وحتى ثقافي .. وانتصر في النهاية في المعركة الأولى وأزاح بعضاً من الرؤوس وما زال مُستمراً في المعركة .. والتي لن تكون قصيرة.
شعب مصري ثار في وجه فئة ضالة أخذت تجارة الدين كواجهة لأطماعهم السياسية والمجتمعية ونجحت في ذلك ووصلت إلى سدة حكم البلاد قبل أن يستطيع الشعب كشف حقيقتهم سريعاً والوقوف أمامهم ولفظهم خارج الحياة
شعب مصري وقف بجانب قواته المسلحة وقواته الشرطية في حرب ضروس ضد الإرهاب العالمي واستطاع التغلب عليه في سنوات قليلة مقارنة ببعض الدول التي لم تستطع حتى الآن فِعل ما فعله الشعب المصري في تلك المعركة الأسطورية ويُكمل حاليا معركته ضد الإرهاب في شِقِّه الفكري والعقائدي.
شعب مصري صبر وتحمل وأخذ يُعيد بناء بنية الدولة الأساسية والتي لم تعرف تطويراً وإعادة لهيكلتها منذ فترة الستينات إلا تلك الفترة الحالية .. صبر على تطوير شبكات الكهرباء والمياه والصرف والطرق حتى تحولت الطرق المصرية من طرق الموت وهو الوصف الذي كان ملازماً لها في الفترة السابقة إلى طرق آمنة في السير والسفر
شعب مصري تحمل فترة وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وظهر معدنه الأصيل وهو يتكاتف مع بعضه البعض لتوفير سُبل الأمان والوقاية حتى كتب الله فصلا جديداً من فصول انتصار البشرية ضد الأوبئة المختلفة
شعب مصري تحمل ويتحمل ظروف اقتصادية مُدمرة لجميع دول العالم بلا استثناء حدثت نتيجة فترة انتشار وباء كورونا قبل أن تأتي الضربة القاصمة باندلاع الحرب الروسية الأوكرانية (وإن كان السبب الحقيقي يستتر وراء الحرب ويتوارى خلفها بعيداً عن مرمى الأنظار والاتهامات وقد نزيل الستار عن الأسباب الحقيقة لتلك الأزمة في مقالات قادمة) وما زال يحاول التكيف مع آثار تلك الأزمة دون أن ينسحق بأسفلها.
شعب مصري تحمل ويتحمل وسيتحمل الكثير ولكنه بحاجة للبعض من تخفيف الأحمال
تخفيف أحمال من الصعاب المُلقاة على عاتقه
تخفيف أحمال من صُعوبات الحياة والتي أصبحت تتساوى مع عقاب سيزيف العبثي.
تخفيف أحمال حتى لا تتمكن الضغوطات النفسية من التحكم به.. تخفيف أحمال يستحقه في تلك الظروف الصعبة حتى يكون مُتنفسًا.
تخفيف أحمال .. وليس وضع الجديد منها على عاتقه تخفيف أحمال يستحقه ولا يطلبه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.