تتميز العلاقات بين مصر والهند بتاريخ عريق حيث تمثل كل منهما ثقلا اقليميا في منطقتها وترتبط البلدين بعلاقة دبلوماسية منذ القرن الثالث الميلادي، فخلال تلك الحقبة ارسل أشوكا مبعوثيه الي بلاط الحاكم المصري بطليموس الثاني فيلادلفوس وأرسل الملك المصري في لفتة متبادلة سفيره المسمى ديونيسيوس الي البلاط المورياني في مدينة باتليبوترا الهندية.
وفي التاريخ الحديث تمثل مصر والهند قوة الدفع الرئيسية في منظمة عدم الانحياز والقوة الأساسية في مجموعة ال١٥ التي تسعي الي تعزيز التطور الاقتصادي والتقني فيما بينهم.
سعد زغلول والمهاتما غاندي كانا علي تواصل بسبب وجود مبادي مشتركة في الحركة الوطنية تتمثل في الاستقلال عن بريطانيا.
في عهد جمال عبد الناصر، ومع قيام ثورة يوليو زادت العلاقات بين البلدين وأدت إلى صداقة بين الرئيس جمال عبد الناصر وجواهر نهرو تبلورت في مؤتمر باندونج ١٩٥٥ حيث أدى إلى إنشاء منظمة عدم الانحياز التي كانت الأساس الصلب الذي قامت عليه العلاقات المصرية الهندية.
في العدوان الثلاثي ١٩٥٦ واقفت الهند مع مصر حيث رفضت العدوان الثلاثي وهددت بالانسحاب من الكومنولث ومع العدوان الاسرائيلي عام ١٩٦٧ أيدت الهند الموقف المصري والعربي في صراعه مع إسرائيل.
في عهد السادات، أيدت الهند مبادرة السلام في نوفمبر ١٩٧٧ ووصفت زيارته للقدس بأنها شجاعة وايجابية واعتبرت اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية ١٩٧٩ خطوة اولي في تسوية عادلة لمشكلة الشرق الاوسط.
في عهد مبارك، زار مبارك الهند بين عامي ١٩٨٢ و١٩٨٣ لحضور قمة عدم الانحياز وقامت الهند بمنحه عام ١٩٩٥ بجائزة جواهر لال نهر للسلام والتفاهم الدولي.
رفع مستوي العلاقات إلى الشراكة الاستراتيجية
شهدت العلاقات الدبلوماسية طفرة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي حيث حدث العديد من الزيارات واللقاءات بين البلدين لكن الأهم كان في يونيو ٢٠٢٣ عندما زار رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي مصر واتفق مع الرئيس المصري علي رفع مستوي العلاقات الي الشراكة الاستراتيجية وعقب اللقاء وجه رئيس وزراء الهند دعوة للرئيس المصري لحضور أعمال قمة العشرين في نيودلهي.
بدوره قلد الرئيس المصري رئيس الوزراء الهندي بقلادة النيل، التي تمثل ارفع الأوسمة المصرية.
ماذا يعني رفع مستوي العلاقات الي مستوي العلاقات الاستراتيجية؟
الشراكة الاستراتيجية مفهوم حديث نسبيًا يستخدم لوصف العلاقات الوثيقة بين دولتين او اكثر التي تغطي كل المجالات، كما أن الهند تصعد لمكانة القوة الكبرى وهذا يجعلها تقيم علاقات مع قوي اقليمية في أماكن مختلفة من العالم ومنها مصر وهذا يدل علي ادراك الهند لموقع مصر الجيوسياسي في افريقيا ومنطقة الشرق الاوسط حيث تسعي الهند للاستثمار في قناة السويس ومنافسة الصين التي سبقتها اشواطا كثيرة في الاستثمار.
تعميق العلاقات بين مصر والهند يعني ترسيخ أقدام الهند في افريقيا حيث تسعي لتحل محل الصين خصوصا بعد توتر العلاقات بين الصين وامريكا الذي ادي الي خروج شركات عالمية من الصين والتي تحاول الهند استقطابها.
نتج عن تلك الزيارة دعوة مجتمع الأعمال الهندي الي استكشاف فرص الأعمال في مصر خاصة في مجالات مثل البنية التحتية والطاقة والزراعة والتكنولوجيا، واعرب البلدان عن املهما لرفع قيمة التبادل التجاري الي ١٢ مليار دولار في غضون خمس سنوات، بعدما سجل رقما قياسيا قدره ٧.٢٦مليار في السنة المالية ٢٠٢١-٢٠٢٢
مع استمرار الهند ومصر في تعزيز علاقتهما تصبح إمكانية تحقيق المزيد من النمو والتنويع واعدة بشكل متزايد مما يعزز الرخاء والتعاون المتبادلين في السنوات القادمة.