رامي جلال يكتب | الثقافة .. قضية القضايا بالحوار الوطني

0

خلال فترة انعقاد الحوار الوطني، دُعيت أربعة مرات للحديث في محور الثقافة والهوية الوطنية، وقدمت عددًا كبيرًا من التوصيات في هذا الملف المهم، الذي اعتبره قضية القضايا، فدون ثقافة وتحضر، لا يمكن تحقيق أية نهضة من أي نوع، وهذا هو درس التاريخ.
نحتاج إلى استراتيجية ثقافية متكاملة تعمل معًا لدفع الملف الثقافي والحضاري، سواء على مستوى الهوية الوطنية أو فيما يتعلق بمستقبل المؤسسات الثقافية.
مما طرحته أننا نحتاج إلى مراعاة أن تعكس المناهج التعليمية روح التنوع في التاريخ المصري، عبر تقليل التركيز على تاريخ البلدان المجاورة لنا لصالح زيادة جرعات التاريخ المصري بعصوره المختلفة، خصوصًا العصور التي تم التغاضي عن تدريسها لسنوات طويلة. ومن المحتم كذلك فض الاشتباك بين منهج اللغة العربية والدين الإسلامي، لما في ذلك من تديين لمنهج يُقدم لكل أطياف الشعب. كما اقترحت استحداث منهج تعليمي باسم “مبادئ اللغات المصرية”، يقدم للطلاب لمحة عن اللغات الكثيرة التي استُخدمت في مصر منذ فجر تاريخها وحتى الآن (مثل: الهيروغليفية، والقبطية، والنوبية والأمازيغية وغيرها)، مجرد مبادئ بسيطة لتأكيد فكرة مصر المتنوعة.
أرى أنه من المهم إعادة صياغة شاملة لمناهج التاريخ المصري، والتوقف عن الطريقة الجافة في تقديمه، ويمكن مثلًا تدريس مقتطفات من كتاب مثل مذكرات “نوبار باشا” مع تحليلها، وهذا سيقدم عرضًا لعشرات السنوات من حكم الدولة العلوية بطريقة غير تقليدية. أو إقرار كتب مثل: “حكايات من دفتر الوطن” أو “هوامش المقريزي” للأستاذ صلاح عيسى.
اقترحت كذلك إنتاج المزيد من المسلسلات الكرتونية التي تخاطب الأطفال باللهجة المصرية، ومحاولة استحداث قناة فضائية للأطفال تنطق بالعامية المصرية فحسب. وكذلك التسويق لمصر عبر إنتاج أعمال درامية تدور أحداثها في أماكن تعكس الجمال والتنوع المصري من شواطئ وآثار وواحات وغيرها. مع أهمية تسهيل عملية تصوير الأفلام الأجنبية داخل مصر. كما يمكن إطلاق مهرجانات ثقافية مصرية للتعرف على ثقافات وتراث المصريين من البدو والنوبيين والأمازيغ وأبناء القبائل المختلفة (مثل العبابدة والبشارية)، والحرص على تقديمهم للعالم الخارجي.
من المفيد إعادة افتتاح المركز الثقافي المصري في العاصمة اليونانية أثينا، وإنشاء مراكز شبيهة في عدد من العواصم العالمية، مع حوكمة عملية تعيين القائمين على الأكاديمية المصرية في روما. كما يمكن استخدام موسيقى المهرجانات المصرية، لتصبح معادلًا للراب الأمريكى والراى الجزائرى.
لابد من تعديل قانون الهيئة العامة لقصور الثقافة، بحيث تتحول القصور إلى وحدات اقتصادية. مع ربط عدد العاملين بكل قصر بعدة عوامل مثل مساحته وعدد سكان المنطقة الموجود بها. مع العمل على التوسع في بيع وتصدير منتجات الحرف الثقافة، في إطار ما يُعرف بالاقتصاد البرتقالى، مثل فنون: (الخيامية- التللى- صناعة الصدف- صناعة الخوص- النقش على النحاس- الحفر على الزجاج).
أعتقد كذلك أن إنشاء “تعاونيات ثقافية” سيساعد في تسريع وتيرة الحراك الثقافي، كونها تمثل قناة تسويقية للمنتجات الإبداعية المختلفة، بما يحقق فكرة تمكين المبدعين، والعدالة الثقافية.
من الضروري إنشاء كليات متخصصة للمسرح وفنون الأداء، حيث تخلو مصر منها، مع ضرورة جعل أكاديمية الفنون تابعة لوزارة التعليم العالي بدلًا من وزارة الثقافة، للمساعدة في حوكمة العمل بها بما يفيد المجال الثقافي العام. كما نحتاج للتوسع في برامج مسرح الشارع والمسرح المتنقل والمكتبات المتنقلة، وكذلك مسرحة المناهج الدراسية.
نتمنى دعم ثقافة الجمال، عبر الاستعانة بالفنانين والمتخصصين للعمل في لجان التخطيط العمراني لمراعاة البُعد الجمالي في البناء مع سياقات الأماكن. كما نحتاج لعمل حصر ومراجعة عامة لأسماء كل شوارعنا، وتنقيتها مع التوسع في عملية تسميتها بأسماء الأدباء والفنانين والشعراء والمبدعين المصريين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.