رامي جلال يكتب | قصة حب قد تكتمل

0

كانت مثل الشهاب الذى عبر سماء حياتى فجأة، فتمنيت أمنية مستحيلة وهى أن أحتفظ بهذا الشهاب نفسه!
كم كانت شاقة تلك الليالى المملة التى قضيتها وحدى أغلق قضبان أجفانى، لأقيد حرية دموعى وأتمكن من النوم، على أمل أن أحظى بلحظة تعبُر هى أثناءها حلمى فتُعمد وجودى بسحر بريقها الأخاذ.. استمرت الليالى هكذا إلى أن كان اللقاء.
ماذا عساى أفعل مع هذا الحياء الخجول الذى يهاجم عقلى عند رؤيتها، ويجبره على التخلى عن سلطاته ليتوقف فجأة مصطحبًا معه الزمان والمكان.
جلست أمامها فى خشوع. تلك اللحظة التى تشعر فيها أن الله قد خلق لك عينين- فحسب- لتراها، وتشعر بأن أذنيك موجودتان- بالأساس- للتمتع برحيق صوتها النقى الذى ينساب صداه عبر أثير قلبك فينسيك وجودك وحدودك، فلا تتذكر غير صورتها التى تصبح حاضرك ومستقبلك.
كل ما كنت أستطيع فعله فى السابق أن أُقبل بقلمى الصفحات البيضاء لأرسم بالكلمات شفاها وعيونا أشتاق إليها شوق عتمة الليل إلى لمسات الفجر الحانية.. الآن هى أمامى. كانت شفتاها هادئتين كناسك مسن يتلو صلاته فى سكون. تمنيت للحظة أن يتلاشى وجودى إلى الأبد لأتحول إلى هواء يمر برفق بين خصلات شعرها الذهبى الذى يرسم هالة القديسين حول سر الوجود الكامن فى تضاريس وجهها الملكى. أخذت أتأمل تلك القلادة الذكية التى نجحت بدهاء فى تطويق هذا العنق الثمين، والإحساس بنبضات قلب صاحبته، ومرافقة صدرها فى مغامراته صعودًا وهبوطًا.
وقفت عيناها كالحارس الأمين على بوابة أفكارها، لا أحد يدخل أو يخرج. لم أكن أعرف ما يدور خلف هذه الملامح البديعة التى صنعتها يد الله فى لحظة هدأت فيها حركة الوجود لتشهد قدوم تلك الآتية من بعيد. كنت على يقين أن لمسة يد واحدة تكفى لأن تحولنى من “ما” إلى “من”.
أُصِيب الأدرينالين فى جسمى بالجنون وأخذ يجرى يمينًا ويسارًا، صعودًا وهبوطًا، يعيث فسادًا فى هيكلي المحطم بفعل ماض لم تكن هى فيه. تحركت شفتاى لترد على أسئلة لم تُطرح: “سأظل أحبك حتى يكف القمر عن مراقبة الأرض وتكف الشمس عن الحنو عليها”. شعرنا وقتها أنها قصة حب… قد تكتمل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.