أبوالحسين غنوم يكتب | مجلس إدارة العالم بين السخرية والواقعية

0

لا شك أنّ التحولات التي يمر بها العالم شرقًا وغربًا وبخاصة الحروب والصراعات قد أعادت إلى الأذهان الفكرة المرتبطة بوجود مجلس إدارة لهذا العالم، تكون مهمته كبح جماح هذه الحروب، خاصة وأنّ وتيرة الصراع قد تصل هذا العالم إلى حرب عالمية، قد يستخدم فيها المتحاربين الأسلحة النووية، الكفيلة بإبادته.

باتت المؤسسات الدولية عاجزة عن إخماد حرائق الحروب والصراعات، واصطدمت مصالح الدول الكبرى بما ينبغي أنّ تقوم به من مسؤوليات تجاه الحفاظ على أمن وسلامة العالم مع تحقيق أمن وسلامة هذه الدول. وبالتالي لا حلول عملية لإنهاء الصراعات والحروب أو على الأقل التقليل من حدة هذه الحروب إلا من خلال وجود رؤية دولية يجمعها مجلس أو تٌعبر عنها دولة كبيرة، تكون قادرة على فرض إرادتها على الخصوم، وأنّ تكون هذه الإرادة مرتبطة بمصالح العالم وليس بالمصلحة السياسية أو الأمنية لهذه الدولة. وحتى هذا الحل قد لا يكون عمليًا؛ فمن الناحية العملية لا توجد دولة تمتلك مقومات التأثير بهذه الصورة على العالم كله؛ ولكن في نفس الوقت يمكن أنّ يكون هناك تجمع دولي تقف دولة ما كبرى على رأسه، وكأنه يقوم بدور مجلس إدارة لعالم الحائر أو المتصارع. صحيح عندما نسمع عن مصطلح “مجلس إدارة العالم”، قد يتبادر إلى أذهاننا صورة ساخرة أو مادة للمزاح، لكن الواقع قد يكون أكثر جدية مما نتصور، ففي ظل التطورات السياسية والاقتصادية الحديثة، وبالتالي هذا التصور بات يُثير الاهتمام والتساؤلات بشكل متزايد. فإذا نظرنا بعمق إلى الأحداث العالمية في السنوات الأخيرة، نجد أن هناك توجهًا نحو إنشاء هياكل إدارية عالمية تتخذ القرارات الحاسمة التي تؤثر على مستقبل العالم بأسره، وفي هذا السياق، وهو ما يجعل الحديث عن مجلس إدارة العالم يتطابق مع واقعية ما يعيشه هذا العالم وما يوجهه من تحديات. قد يكون لهذا المجلس دورًا خطيرًا في توجيه مسار السياسة العالمية والتأثير على القرارات الدولية، مما يجعله مصدر قلق للكثيرين، ولذلك هناك من يُحارب الفكرة ويتحدث عنها بعدم الواقعية. ولكن الواقع يؤكد أنّ هذا المقترح لو كتب له النور، فسوف يُخلص العالم من تحدياته وحروبه المأساوية، المتوقع لها أنّ تحصد مئات الملايين من البشر لو أنّ الصراع بين أقطاب العالم استمرت فترة أطول، فضلًا عن الحروب التي يتصارع عليها العالم على الغذاء والموارد الطبيعية وغيرها.

“مجلس إدارة العالم” من أخطر الهياكل الإدارية في تاريخ البشرية، فقد يكون جزءًا من المستقبل الغامض الذي يكتنف هذا العالم، سواء بالخير أو بالشر، ولكن إذا كان هذا العالم عادلًا فعليه أنّ يُعيد التفكير فيما يُؤدي إلى إرساء الأمن والعدل ويُهدد بفنائه. إنّ استمرار انتشار مفهوم “مجلس إدارة العالم” في الإعلام والسياسة يدفعنا للتساؤل والتفكير في عواقبه المحتملة، وربما يكون الوقت قد حان للنظر بجدية إلى هذه الظاهرة ودراسة تأثيراتها على مستقبلنا ومصير العالم في ظل حروبه وصراعاته الحالية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.