الحسن علي خليفه يكتب | تهجير الفلسطينيين.. خط أحمر

0

لا يمكن الحديث عن القضية الفلسطينية دون التطرق إلى محاولات التهجير القسري الذي يشكل أحد أخطر التهديدات التي تواجه الشعب الفلسطيني اليوم. وفي ظل الأحداث الراهنة، أضحى التهجير ليس فقط جريمة إنسانية، بل تهديدًا للهوية، للوجود، وللاستقرار الإقليمي بأسره.
تهجير الفلسطينيين من أراضيهم ليس قضية جديدة. فمنذ النكبة عام 1948 وحتى اليوم، تسعى قوى الاحتلال إلى إعادة رسم الخارطة الديموغرافية للأراضي الفلسطينية، متجاوزة بذلك كل الأعراف والمواثيق الدولية. ورغم إدانات المجتمع الدولي المتكررة، إلا أن الاحتلال يواصل فرض سياسات تهدف إلى طمس الهوية الفلسطينية عبر هدم المنازل، التوسع الاستيطاني، وتهديد السكان بالتهجير القسري.

ما يثير القلق بشكل خاص اليوم هو الحديث المتزايد عن محاولات تهجير سكان غزة إلى دول الجوار، وتحديدًا إلى سيناء المصرية، بحجة تأمين المناطق وإيجاد حلول مؤقتة. هذا السيناريو ليس فقط كارثة إنسانية، بل يُعد تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري. فقد عبرت مصر، وعلى لسان رئيسها عبد الفتاح السيسي، عن موقفها الصارم الذي يعتبر أن تهجير الفلسطينيين خط أحمر لا يمكن تجاوزه.

موقف مصر ينبع من قراءة واعية للتاريخ والجغرافيا. فأي محاولة لتهجير الفلسطينيين تعني تفريغ أرضهم لصالح الاحتلال، مما يعزز استراتيجياته الاستيطانية. كما أن نقل السكان إلى أراضٍ أخرى يخلق أزمة جديدة في دول الجوار، ويهدد الاستقرار الإقليمي الهش أصلًا.

القضية ليست فقط سياسية، بل إنسانية وأخلاقية. فالفلسطينيون ليسوا أرقامًا أو ملفات يمكن التعامل معها بحلول سطحية. هم أصحاب الأرض والتاريخ، وحقهم في العيش على أرضهم هو حق غير قابل للتفاوض.

إن محاولات التهجير القسري يجب أن تُقابل بموقف حاسم من جميع الدول العربية والمجتمع الدولي. فالصمت أو التهاون يعني القبول بإطالة أمد المأساة الفلسطينية. المطلوب اليوم ليس فقط رفض تهجير الفلسطينيين، بل العمل الجاد لإيجاد حل عادل وشامل يقوم على إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.

خلاصة القول، تهجير الفلسطينيين ليس مجرد خط أحمر، بل هو جريمة تُضاف إلى سجل الاحتلال. وأي محاولة للمساس بهذا الحق هي مساس بالكرامة الإنسانية والعدالة، وهي مسؤولية تاريخية علينا جميعًا أن نتصدى لها بكل الوسائل الممكنة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.