مع اقتراب الذكرى السابعة للإعلان عن إطلاق تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين أعود بالذاكرة لبداية الحلم الذى كان يراود مجموعة من الشباب بعد ثورة ٣٠ يونيو فهؤلاء الشباب أرادوا ان يصححوا ما وقعوا فيه من أخطاء بعد ثورة ٢٥ يناير و كما آمنوا أن أول خطوات التصحيح هو ثورة جديدة لإنقاذ هوية وطنية كاد أن يخطفها فصيل طرح نفسه أنه البديل الطبيعي وأثبت بسرعة منقطعة النظير أنه يسعى لهدف عقائدي و ليس وطني و هدف ليس له أي علاقة بما خرج هؤلاء الشباب النبيل من اجله فربما نتفق او نختلف مع ثورة يناير و ربما أيضا بعد كل هذه السنوات و ما ظهر في العالم من حقائق نجد ان الكثيرين لو عاد بهم الزمن للوراء لاختلف كثيرا اسلوب تحقيق مطالبهم عما فعلوه في ثورة يناير، إلا أن هذا الشباب باختلافاتهم و اتفاقهم جعلوا هذا المنطلق فكر مجموعة ممن اختلفوا في الرؤى و الأفكار و اجتمعوا على حب الوطن و الرغبة في بنائه مرة أخرى بأن يبدأوا بأنفسهم و ينحوا جانبا أيدلوجياتهم و مصالحهم السياسية وتكون ثورة يونيو هى انطلاقة لتصحيح شامل في كل المجالات وعلى رأسها السياسة في مصر فقرر هؤلاء الشباب أن يكون شعارهم سياسة بمفهوم جديد هذا المفهوم أساسه الحوار واحترام جميع الآراء مهما كانت درجة الاختلاف والأهم لا توزيع لصكوك الوطنية فالوطنية غريزة و فطرة وهى الأساس الذى اجتمع عليه الجميع و لن أنسى في مؤتمر الشباب ٢٠١٨ حينما عرض مجموعة من زملائنا على الرئيس عبدالفتاح السيسي رؤية لتنمية الحياة السياسية في مصر و بعد العرض أعلن دعمه للرؤية الشبابية المختلفة عن غيرها و قال سموها تنسيق او تنسيقية فأطلقنا عليها تنسيقية شباب الأحزاب ثم أردنا ان تكون جامعة لكل شاب له دور في الحياة السياسية حتى لو لم يكن حزبي فأصبح اسمها تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين ومنذ تلك اللحظة تقوم الدولة المصرية بجميع مؤسساتها بدعم هذا المشروع الوطني ليصبح أحد منابع تأهيل الكوادر السياسية التى توافق وترفض وتتفق وتختلف بمنهجية علمية قاعدتها الأساسية هى بناء الدولة المصرية فهى ليست موالاة أو معارضة إنما هى نموذج للتوافق الوطني برؤى مختلفة ثم بدأ يصبح الحلم حقيقة وبدأت الأفكار تتوارد على المؤسسين واحدة تلو الأخرى و كان التحدي الأهم هو كيفية التنسيق بين هذه القيادات الشبابية الحزبية والغير حزبية ليكون هناك منهج للتعامل التنسيقي بينهم يلتزم به الجميع فقررنا أن يكون لنا لائحة داخلية نضع قواعدها الملزمة و نتفق عليها جميعا وبمجرد الاتفاق عليها تصبح ملزمة للجميع ثم انتقلنا الى الهيكلة فتجاربنا السابقة أثبتت أن بدون هيكلة وشكل نظامي لن يكون هناك مقومات للنجاح لكن هذا الشكل النظامي يكون تنسيقي و ليس تنظيمي حتى لا تتعارض التنسيقية مع النظام الحزبي فالتنسيقية أحد أهدافها دعم و تقوية الأحزاب السياسية من خلال أعضائها في التنسيقية وانتقلنا الى دولاب العمل، وكحال مصر في ذلك الوقت كان يجب العمل على جميع المحاور على التوازي فتقدمنا بمشروعات قوانين للبرلمان المصري أهمها قانون الهيئات الشبابية وقانون نواب المحافظين وغيرها من مشروعات القوانين مرورًا بالمشاركة في جميع الفعاليات الشبابية مع الدولة و اتصالا بالعمل على ضم أعضاء جدد لتوسيع مساحة المشاركة ثم تشكيل لجان ومجموعات عمل في كل المجالات لتصبح تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين في زمن قياسي رقم صحيح في الحياة السياسية المصرية وتكون بمثابة المنتخب الجامع لكل الأطياف و مكمل لما تقوم به الأحزاب المصرية فالتنسيقية تقوم بالدور النخبوي والأحزاب تقوم بالدور الشعبوي من خلال انتشارها في جميع ربوع مصر فقد كانت خطوط التماس بين دور الأحزاب ودور التنسيقية هى احد المحددات التى نجح الآباء المؤسسي أن يرسخوا لها لتشعر الأحزاب دائمًا أن التنسيقية مكملة لدورهم وليست منافسة لهم و ربما كان أحد الأمثلة على ذلك هو أن التنسيقية كانت ومازالت على مسافة واحدة من الجميع ولائحتها تمنع التجاوز في حق أي حزب مصري مما أدى أن تكون الأحزاب حريصة على عضويتها في التنسيقية بل يتنافس شبابها للالتحاق بالتنسيقية و الأحزاب الجديدة التى يتم تدشينها يكون على رأس أولوياتها الانضمام إلى التنسيقية لأنها أصبحت نموذجًا مؤثرًا في جميع محاور الحياة المصرية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.
استطاعت التنسيقية أن تنال ثقة القيادة السياسية وتعيين بعض من اعضائها نواب للمحافظين عام ٢٠١٩ وانتخاب بعض أعضائها على قوائم التحالف الانتخابي القادمة الوطنية من أجل مصر في برلمان ٢٠٢٠ بغرفتيه الشيوخ والنواب بل كانت الثقة أكبر بتكليف بعض أعضائها في مهام حكومية في الوزارات والهيئات المختلفة مما جعل الفكرة مشروع دولة قائم على الإخلاص للوطن والتطوير الدائم والدراسة المتأنية لخطواته والتقييم لكل مرحلة ولكل خطوة لتستطيع الابتكار والإبداع في كل مهمة أو تكليف تلزم به نفسها حتى تضمن استمرار المشروع بمنهج و رؤية بمفهوم متجدد و متطور.
إن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين نجحت في أن تصبح أحد دعائم السياسة المصرية الحديثة و تعمل دائما على مواجهة التحديات لتظل أحد المشاريع الوطنية للجمهورية الجديدة وسوف يسجل التاريخ أن الرئيس عبدالفتاح السيسي دعم كيان به من يعارضه ومن يؤيده لأنه يؤمن أن الخلاف في الرأي لن يفسد للوطن قضية.