حسام الدين فياض يكتب | البُعد التاريخي في علم الاجتماع (1-2)

0

سعى ميلز من خلال مفهومه عن الخيال السوسيولوجي إلى ضرورة إيجاد رؤية تصورية جديدة لعلم الاجتماع، وهي رؤية لا تستند إلى إبراز التعارض بين فكرة الصراع أو التوافق، أو بين التغير والاستقرار، بل إن قوامها دراسة الإنسان في إطار التاريخ، أو كما يقول ميلز دراسة التفاعل بين التاريخ الشخصي والتاريخ الإنساني، وهذا يعني من جانبه عوداً إلى علم الاجتماع التاريخي الذي أغفلته الوظيفية. ذلك أن علم الاجتماع في تصور ميلز ينبغي أن يكون تاريخياً حتى يستطيع أن يدرك المشكلات الاجتماعية الحاسمة التي تواجه البشرية وذلك لأن طبيعة الظواهر الاجتماعية تستلزم قيام تصور لهذه الظواهر يحوي أبعادها التاريخية “.
التاريخ هو دراسة الماضي وأثره على الحاضر والمستقبل، ويمكننا تعريفه بأنه جملة من الأحوال والأحداث التي يمر بها كائن ما، وتصدق على الفرد والمجتمع. كما تصدق على الظواهر الطبيعية والإنسانية. وقد عد هيجل التاريخ جزءاً من الفلسفة، لأنه ليس مجرد دراسة وصفية، بل هو أقرب إلى التحليل وبيان الأسباب. ” وعلى كل حال فإن التاريخ وببساطة شديدة هو العلم الذي يهتم بدراسة التطور الذي لحق بالمجتمعات الإنسانية منذ الماضي البعيد “.
تأتي أهميته لعلم الاجتماع في أن البحوث الاجتماعية هي بحوث تاريخية لأن علماء الاجتماع يسجلون الحوادث والظواهر التي يشاهدونها خلال احتكاكهم ببيئة ونظم المجتمع. ويستعمل اصطلاح علم الاجتماع التاريخي في دراسة الحقائق والحوادث الاجتماعية التي مضى على وقوعها فترة تزيد على الخمسين عاماً.
إن الصلة بين التاريخ وعلم الاجتماع هي صلة قوية وثيقة، ومع هذا فإن هناك من يقول بأن التاريخ يختلف عن علم الاجتماع بكونه يدرس الحوادث التاريخية الماضية التي لا يمكن تكرارها أو وقوعها ثانيةً بأية صورة من الصور، بينما يدرس علم الاجتماع حقائق ثابتة ونظريات نسبية تتعلق بالزمن الماضي والحاضر والمستقبل أضف إلى ذلك أن التاريخ يهتم بإيجاد وشرح وتعليل حقيقة أو حادثة أو شخصية تاريخية معينة، أما الاجتماع يدرس مجموعة عوامل وحقائق دراسة تفصيلية عامة تساعده على استنتاج الأحكام والقوانين التي تفسر الظواهر والعلاقات الاجتماعية تفسيراً كاملاً وعقلانياً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.