د. محمد العقبي يكتب | أربع سنوات خارج التنسيقية

0

في مسارات الثورات تتشكل كيانات وتختفي كيانات، تُولد أحلام وتُؤد أحلام أُخر، تُبني صروح وتُهدم قلاع، لعل أبرز ما يميز الاحلام والكيانات الوليدة أنها تحمل جينات وملامح من قام بهذه الثورة.
مصر التي عاشت ثورتين، وحلمت بأجواء وكيانات سياسية جديدة شهدت بعد 2011 تشكيل الكثير من الأحزاب، جميعها لم يعبر عن الثورة بشكل واضح وبدت مشوشه غير مقنعه لشباب الثورة حتى تفجرت ثورة 30 يونيو، وصحبها ميلاد بعض الأحزاب التي حاولت، أن تعبر عن روح يونيو، ولكن تبقي تنسيقية شباب الأحزاب هي الكيان الأبرز والأهم والأكثر تعبيرًا عن ملامح وروح ثورة يونية، والعنوان العريض في كتاب العمل السياسي ما بعد 2011.
التنسيقية التي يحتفل أعضاؤها بمرور أربع سنوات على تأسيسها، هي احتفال من داخل البيت، ولكنني أحتفي بها احتفاء الجار بجاره المتفوق في الحياة السياسية ، فأنا لست عضوًا في التنسيقية تنظيميا ولكنني أحد المنتمين لكل ما تمثله التنسيقية فكريًا، وما يجمعني بالتنسيقية ليس افكارها فقط بل أعضاءها ايضا فهم يمثلون النسبة الاكبر من أصدقائي، أعرف بعضهم منذ 20 عامًا، بدأنا العمل الإعلامي معًا، وأعمل مع بعضهم اليوم واتشارك مع كثير منهم أنشطة ومهام وأقدر إخلاصهم وعمق فهمهم للحياة السياسية، أتابع الدأب والحرص على أداء المهام والتكليفات والتواجد في اجتماعات اللجان وحضور المناسبات السياسية والعامة والمشاركة بفاعلية في كل ظهور لأعضاء التنسيقية، حيث إنني أتابعهم من الخارج، وأكتب عنهم من خارج التنسيقية بحيادية الباحث الاجتماعي، وشغف الراصد الإعلامي، وتحيز أراه مقبول في إطار الصداقة وما تحققه التنسيقية التي يظن البعض خطأ، أنها ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب، لكنها ـ على النقيض ـ ولدت تمشي على أشواك الماضي السياسي لأحزاب عصر مبارك، وصورة ذهنية مشوهة عن منظمة الشباب في عهد الزعيم جمال عبد الناصر، وكان عليها أن تكتسب شرعيتها بسواعد أعضائها.
الجدير بالذكر أن التنسيقية قد واجهت من كان يطلق عليهم نشطاء سياسيون وفلول الإخوان ومن لم يصيبهم الدور في دخول التنسيقية ما بين مشكك في نوايا الكيان، ومتربص بأعضائه وساخر من مستقبله ومتشائم من كل كيان سياسي شبابي. وهذا لا ينفي أن التنسيقية حظيت بدعم وفرص يحصل عليها كل مجتهد يقدم جديدا في هذا الوطن وما كان هذا الدعم ليؤتي ثماره لولا أنه صادف أهله من شباب متعطش للعمل السياسي أو راغب في تصحيح مساره الحزبي وقادر على تطوير أدواته وجاهز لانتهاز الفرصة ليعيش تجربة سياسية حقيقية.
هذا الاحتفال بمرور 4 سنوات لا يعني سوى مزيد من المسئولية على عاتق شباب التنسيقية ومزيد من العمل وإنكار الذات وإعلاء قيم الممارسة السياسية الرشيدة بما يليق بطموحات الجمهورية الجديدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.