محمد السباعي يكتب | كنتُ رئيسًا لبرلمان شباب مصر

0 466

لا أتردد مطلقًا في تلبيه دعوة موجهه لي لحضور فاعلية من فاعليات برلمان الشباب بكافة مستوياته ، وتغمرني السعادة للتواجد بين زملائي من أعضاء نماذج محاكة البرلمان سواء برلمان الشباب أو برلمان الطلائع
وإستوقفني ذلك للحديث عن تجربة كنت ومازلت أفخر وأعتز بها ، لما تركته من أثر على شخصيتي وأصقلت مهاراتي بشكل كبير ، فحينما كنت طالبا في أولى سنواتي بكلية الهندسة تم إستحداث وزارة الشباب والرياضة عام 2003 لبرلمان الشباب وإنضممت له مع أصدقائي وزملائي بدافع التجربة وإنضممت لبرلمان شباب الشعبة بمركز شباب قريتي قرية الإخيوة بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية وكان عمري وقتها لا يتجاوز ثمانية عشر عاما ، وكانت فرصة كبير للتعلم حيث أنه لا يمكن أن أعتبر هذا النموذج سياسي بل هو قناة للتدريب والتأهيل وإكتشاف القدرات من خلال الممارسة لأنشطة تثقيفية عدة بل إكتسبنا وتبادلنا كذلك الخبرات سواء مع أقراننا أو أساتذتنا في كافة المجالات
ولكوني أصغر الأعضاء سنا أصبحت وكيلا لبرلمان شباب الشعبة خلال الفترة الإنتقالية لحين إجراء الإنتخابات طبقا للائحة وجاءت الإنتخابات وأصبحت وكبلا ثم رئيسا ومن بعدها رئيسا لبرلمان شباب مركز الحسينية ثم رئيسا للجنة الثقافة والاعلام على مستوي المحافظة
وإستمتعت بتلك الفترة وحققت نجاحات أهلتني للترشح الدورة التالية رئيسا لبرلمان شباب محافظة الشرقية عام 2005 ووفقني الله لأحافظ على هذا الموقع ثلاث دورات متتالية أستطيع القول أن خلالهم تشكَل وعيِي وفكري ونمت علاقاتي بالشكل الذى دفعني لإتخاذ قرار الترشح لرئاسة برلمان شباب مصر عام 2007 وكان قرار لو تعلمون عظيما لما يحتاجه – في ذلك الوقت – من مجهود وتنسيق وتواصل مع زملاء من كافة محافظات مصر من أقصاها لأدناها وكانت تجربة إنتخابية أفخر وأعتز بها، وكان توفيق الله حليفي بالفوز بتلك المعركة الإنتخابية لتكون مبعث فخر لي في سجل تجاربي وخبراتي واستفدت منها الكثير والكثير
ولكن يحضرني درسين تعلمتهم من تلك التجربة الدرس الأول أن قرار الترشح لرئاسة برلمان شباب مصر عام 2007 جاء بعد مرور ما يجاوز خمسة أعوام من الإنخراط في برلمان الشباب بكافة مستوياته ومختلف الأنشطة والفاعليات وليس وليد اللحظة، ولا يصح بأي حال من الأحوال أن يكون وليد اللحظة من وجهة نظري مهما كان حجم قدراتي سواء في مخيلتي وقتها أو حتى في نظر المحيطين بي ورأيهم بقدراتي وإمكاناتي، فلم ولن تغرني هذه الآراء وتجرفي نحو التسرع والتوجه السريع للمنصب أو الترشح طوال الخمسة أعوام ؛ باختصار شديد لأني كنت ومازلت مقتنع أن فكرتي عن أي شئ وأنا خارجه مهما سمعت عنه وقرأت فيه فهو مختلف تماما عن تواجدي بداخله واحتكاكي به وممارستي له بتعمق بكل نجاحاتي أو حتى إخفاقاتي أحيانا، كل ذلك مثَّل وشكَّل الخبرة الحقيقية لدي نحو اتخاذ القرارات و صقل الخبرات والقدرات والمهارات التي تجعلني مقتنع من داخلي وأمام نفسي أولا قبل أن أكون مقنع للآخرين أني أصلح لأن أكون في هذا المكان وهنا يكمن الدرس الأول، أما الدرس الثاني هو أننا كنا نؤمن بأن مانقوم به هو مجرد نشاط نمارسه ونستمتع به ونتعلم ونتدرب لإكتساب خبرات من خلاله نستهدف منه اكتشاف قدراتنا ومهاراتنا وتنميتها وتعزيزها في المقام الأول ما لشئ إلا لتوظيف تلك القدرات بالشكل الأمثل، وما أعظم هذا الشعور وأجلُّه في نفوسنا آنذاك، ويأتي الإحساس بعظمة الشعور هنا بهذا النشاط أننا كنا نقدر قيمة أننا نتعلم ونفهم ونصقل قدراتنا ومهاراتنا ونضع نصب أعيينا بناء شخصيتنا لا التطلع لشئ سوى بناء شخصيتنا واكتشاف جوانبها إيمانا منا بأن هذا هو مفتاح اللعبة وحل اللغز وجواز مرور لمستقبلنا، وهنا يكمن الدرس الثاني.
نعم كانت تجربة نحبها ونستمتع بها ونبني عليها ومنها علاقات وصداقات إستمرت – ومازالت – لسنوات بعدها، كان هناك منافسة ولكن دون مشاحنة أو تجاوز على الرغم من إيماننا كل الإيمان بقواعد التجربة ولكن ايماننا الاكبر هو تقديرنا للهدف الذي نسعى له وهو اكتشاف الشخصية فلا نحيد عنه مهما أبهرتنا الأجواء واخذتنا التحديات فكنا نرجع بسرعة للهدف الأسمى والأعظم من التجربة ونتذكر أنها في النهاية نشاط وتجربة.
وهنا يأتي سؤال مهم : ماذا أضاف لنا هذا النموذج ؟
أستطيع القول أنني مؤمن أن عمر الإنسان لا يقاس بعدد السنين ولكن يقاس بما خاضه من تجارب شكلت وعيه وفكره وشخصيته وكان لما مارسناه من أنشطة وما اكتسبناه من معارف وماتعلمناه من أقراننا وأساتذتنا له عظيم الأثر ليساعدنا لإختيار المسار الصحيح بما يتناسب مع قدراتنا ومهاراتنا
ليس المستهدف أن يصبح كل عضوا ببرلمان الشباب نائبا مستقبليا بالبرلمان المصري بأحد غرفتيه – مجلسي الشيوخ والنواب – ولكننا نكتشف أنفسنا وهنا يكمن الهدف الحقيقي فلن تكتشف قدراتك أو مهاراتك أو نقاط تميزك إلا من خلال ممارسة حقيقية لأنشطة متنوعة وتخوض مواقف وتجارب مختلفة تؤهلك لذلك ، وأكاد أجزم أن تلك النماذج – مثل برلمان الشباب والطلائع – تساهم في اكتشافنا ووضعنا على الطريق الصحيح في المقام الأول
وكنت محظوظا بالإنتساب لكيان عظيم آخر بل التجربة الأعظم التي حظيت بها وهى الإنضمام لتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين لأكون عضوا عنها بمجلس الشيوخ المصري وأطبق كل ما تعلمته واكتسبته خلال سنوات مضت ، حيث أن التنسيقية أتاحت لنا مساحة أكبر من الإنخراط مع أيديولوجيات مختلفة وحوار مستمر ومثمر نتعلم منه ونطور أنفسنا ومازال طريق التعلم طويلا
نعم حلمت وصرحت عام 2008 أنني سأكون برلمانيا بالبرلمان المصري عام 2020 ومنَ الله علي بتحقيق ذاك الحلم وها أنا أجتهد وأسعى للتعبير عن نفسي وتمثيل جيل أفخر بالإنتساب له
أصيب وأخطئ وأتعلم من أخطائي وحريص كل الحرص لنقل ما تعلمته وأتعلمه لجيل بعدي ليكون أداءه أفضل مني
كل الشكر والتقدير والعرفان والإمتنان لكل من علمني وساعدني وآمن بي وبقدراتي وأرجو من الله أن أكون عند حسن الظن دوما وليغفر الله لنا كل سهو أو خطأ، وعلى الله قصد السبيل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.