محمد المصري يكتب | لماذا يكره البعض الخير لمصر؟

0

لماذا لا يصدق البعض الاخبار من المصادر المصرية؟ لماذا يغفل البعض الكثير من الإنجازات ويتكاسل عن ذكرها ونجدهم بكل حماس في حفلات النقد الجماعي؟ ولماذا ايضا نجد من يذكر كل ما هو محمود ويعظم من شأنه ويتغافل عن ملاحظة ما يمكن تطويره؟
الاجابة تكمن في كلمة الانحيازات العقلية Confirmation bias و تربية العقل علي التعلم والانصياع الي مصادر محددة تمنعه لاحقا من التكفير و الكفر بكل ماهو سواها.
والانحياز للرموز التي تحبها او بعض الكتاب او رجال الدين Authority bias
والانحياز الناتج عن محاولة التماهي وتقليد القطيع و اتباعهم لاننا كائنات اجتماعية و الاتجاه الان وليكن الهجوم علي هذه الشخصية فتجد نفسك تتبني وجهة نظر الجماعة.
فعلي منصات التواصل تجد مثلا الاف الاشخاص يمارسون سلوك السخرية من حدث محدد فيبدا عقلك في التعاطف معهم وتبني وجهة نظرهم لانك لا تسمع غيرها.
دمار المجتمعات عبر التاريخ هو نتيجة مرض الإنحياز و التعصب في المعارضة السياسية او الولاء الأعمي والدفاع المستميت عن الأفراد او الأنظمة وإن كانت فاسدة.
فمن المهم ان ننقد النظم من اجل التصحيح و اقتراح بعض الحلول للمشكلات و من الأهم ان نلاحظ الايجابيات والمنجزات و التفاخر بها لتشجيع المجتمع علي الانجاز.
فأجواء الاحباط المفرطة تؤدي الي التكاسل وشيوع الذعر و الاداء المحدود.
وددت ان أطلعكم علي خلاصة ما تعلمته مؤخرا من بحث قرأته نشر في مجلة علم النفس الاجتماعي التجريبي المجلد 91 ، نوفمبر 2020 م بعنوان الرقابة على المعارضة السياسية .
من المعروف تاريخيا ان الدول تحاول السيطرة علي الافكار التي تهدد السلم الاجتماعي و تعبث بالنظام العام وامتد هذا السلوك ليشمل الافراد الذين يتعمدون الابتعاد عن اي مصادر اخري غير معتادة للاطلاع للمعرفة و وصل الامر اخيرا لمؤسسات السوشيال ميديا التي تختار لك ما يظهر وما يغذي عقلك
و يفرض الناس علي أنفسهم رقابة انتقائية على المحتوى عبر الإنترنت الذي يتحدى معتقداتهم السياسي
يحب الانسان الضعيف ان يثبت ويعزز أفكاره فقط ولا ينفتح لافكار اخرى
فبالتالي يحظر الأشخاص و مؤلفي المنشورات التي يختلفون معها عبر الإنترنت.
عندما تتجذر المعتقدات في الهوية الانسانية ، يتم تضخيم الرقابة الانتقائية لمنع اي صدمة عقلية او سؤالا يدعو للبحث
حدثت الرقابة الانتقائية حتى للتعليقات المحترمة و الباحثين الذين لا يستخدمون لغة مسيئة.
ظهر نوع جديد من الرقابة حيث يزيل الناس بشكل انتقائي وجهات النظر السياسية المعارضة من السياقات عبر الإنترنت.
في ثلاث دراسات للسلوك في المنتديات عبر الإنترنت ، قام مؤيدو قضية سياسية (على سبيل المثال ، الإجهاض أو حقوق السلاح) بمراقبة التعليقات التي عارضت قضيتهم بشكل .
تم تضخيم الميل إلى فرض رقابة انتقائية على المحتوى عبر الإنترنت غير المتوافق مع الأشخاص الذين كانت معتقداتهم المتعلقة بالقضية متجذرة بعمق في هوياتهم أو مندمجة معها فبالتالي يعتبر اي هجوم او نقد لتلك الافكار وكأنه هجوما شخصيا علي الانسان ذاته الذي اصبح اسيرا لافكاره.
وجدت الدراسة ان الانحياز يجعلك تتجاهل اي شي يخالف وتمارس الرقابة الانتقائية حتى عندما تجد التعليقات المعارضة غير مؤذية ومهذبة.
ومؤسسات التواصل الاجتماعي تمارس ذلك ايضا وتحذف تعليقات عديدة لمجرد انها تخالف وجهات نظر سياسية محددة.
نقترح أنه نظرا لأن الرقابة على الإنترنت التي يفرضها المشرفون يمكن أن تحرف المحتوى عبر الإنترنت الذي يستهلكه ملايين المستخدمين ، فإنها يمكن أن تعطل بشكل منهجي الحوار الديمقراطي لان من حق الجميع ان يعلم كل شيء ويطلع علي الافكار المتعددة.
فالانحياز يخلق التعصب وتخريب الانسجام الاجتماعي.
ولذلك ندعوكم للقراءة والاطلاع و الانفتاح والتفكير بشكل علمي وموضوعي و الالتزام بقاعدة المرونة في التفكير.
فمن لا ينمو او يتغير هو بلا شك في عداد الموتي
والانحيازات هي سلو الاجهزة الاعلامية والتي لا تعطي نفس القدر من الاهتمام والتغطية لمختلف الاحداث المهمة بنفس الشكل او الدرجة Coverage Bias
فاذا فجر شخص ما المبني و هويته اسلامية مثلا في دولة ما تجد بعض المحطات تهتم بالقضية اكثر من اهتمامها في وقت لاحق بقضية مشابهة ولكن المجرم من خلفية مسيحية او الحادية.
كما يمارس المتعصبون ايضا لعبة القص واللصق و الانحياز لفكرة معينة نتيجة ترويجهم لجزء من الحقيقة او مقولة للرئيس مثلا خارج سياقها مثل مقولة الرئيس السيسي ” نحكمكم او نقتلكم ” و واقع الامر انه كان يحكي عن مقولة قالها احد قيادات الاخوان.
Concision Bias فأزمة
او تحيز الايجاز مدمرة للمجتمعات وتخلق صراعات حول مواضيع وهمية
وانحياز الناس للقبيلة او اصحاب المعروف والفضل عليهم والاعتماد عليهم للوصول للحقيقة وهذا الانحياز نجده بين اعضاء الجماعات الأصولية حيث التواصل الدقيق بينهم و انعزالهم عن الناس و روح المصلحة و التشجيع المتبادل بينهم بحيث تصم الاذان عن كل ما يأتي من المعسكر الاخر Consensus bias

وانحياز البعض للشائعات لمجرد انتشارها مثل اعتقاد البعض ان الدولة ستعلن افلاسها او باعت أصولها او هروب الشركات من مصر Availability Cascade

فشيوع اي فكرة لا يدل علي صحتها ابدا.
وانحياز البعض لبعض الخطباء المفوهين الواثقين من انفسهم ويتحدثون كالخبراء وهم أبعد ما يكون عن الخبرة والتخصص و الممارسة الواقعية
وللاسف يتأثر العقل جدا بمن لديهم تلك الثقة المفرطة في النفس لانهم يشعرونك ان بيدهم مفاتيح الجنة والتقدم الاقتصادي في ٣ خطوات وتشعر وانت تستمع اليهم ان الحياة سهلة وكل شيء علي ما يرام
Dunning Kruger Effect

الخلاصة :
– الانحيازات النفسية تؤثر علي وعينا وتقييمنا الموضوعي للحياة و الاحداث

-في السياسة نجد انه من الشائع ان تمارس استراتيجيات الاستقطاب والتلاعب بالعقول باستخدام الحرب النفسية و المغالطات المنطقية لإقناع الجماهير ببعض الافكار التي تخدم مصلحة من يحاول نشرها

-علي الدول والمنظمات مواجهة الأفكار والانحيازات بافكار بديلة و ترويجها بأدلة عقلية و تعزيز سبل الوصول الي المعلومات الدقيقة بسلاسة

– علي الأفراد التمهل قبل الحكم علي اي شيء وتحليل كل ما يصل الي العقل من معطيات من مصادر متعددة وتقييم ادلة كل طرف في اي معركة فكرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.