محمد شوقى السيد يكتب | تأميم قناة السويس بعيون جولدا مائير (٢-٢)

0 188

يوم الاثنين 29 اكتوبر وقام بن جوريثون بعد ذلك باطلاع قادة المعارضة باختصار لم يكن ناصر وحده هو الذى فوجئ وانما فوجئ الجميع
وركبنا الطائرة سرا وكانت من طائرات الجيش الفرنسى وجلسنا صامتين متوترين وكاد كارمل وهو يسير داخل الطائرة أن يسقط من فتحة القاء القنابل لولا ان تمالك نفسه بحركات عنيفة حطمت له ثلاثة اضلع ثم توقفنا
فى شمال افريقيا حيث نزلنا فى دار للضيافة وسافرنا من هناك الى مطار خارج باريس ومنه الى مقر الاجتماعات وكان الهدف من هذة المحادثات وضع التفاصيل المختلفة للمساعدة العسكرية التى وعدتنا بها فرنسا
وخاصة حماية سمائنا بطائراتها فى حالة طلبنا ولم اجرؤ على السير فى باريس بل وغضبت من ديان لانه فعل ذلك وان لم يتعرف عليه احد
وبدأنا فى يوم 24 اكتوبر وفى سرية مطلقة فى تعبئة قوات الاحتياطى وكانت الصورة امام الشعب وامام المخابرات المصرية اننا نعبئ جنودنا لموجهة الحشود العراقية التى دخلت الاردن والتى كانت قد انضمت الى
القيادة الموحدة وكنت قد دعوت الى مؤتمر لسفراء اسرائيل فى الخارج عقد فى وزراة الخارجية قبل المعركة بأسبوع اردت فيه ان اجتمع ببعض السفراء قبل ان تنعقد الحمعية العامة للأمم المتحدة وعاد الجميع الى مواقعهم
بالخارج دون ان يعملوا شيئا حتى شاريت الذى ذهب الى الهند بعد ترك الوزارة سمع ان المعركة بدأت خلال جلوسه مع نهرو الذى لم يصدق بالطبع ان محدثه لا يعلم شيئا لكن السرية المطلقة كانت امرا حيويا ولم استطع
التخلص من التفكير فى الحرب فى كل مكان اذهب اليه او عمل اؤديه كنت افكر فيما سيحدث يوم 29 ان من اصعب الامور ان يضطر الانسان الى كتم سر يؤثر فى حياة كل الناس المحيطين به بل ان ذلك يحتاج الى جهد
فوق طاقة البشر لكنه لم يكن لدينا حيلة فقد كان ضروريا التخلص من الفدائيين وافهام مصر ان اسرائيل ليست بالشئ التافه الذى يمكن القضاء عليه وقضيت عطلة نهاية الاسبوع فى ريفيفيمم مع سارة وزكريا والاطفال
والاصدقاء غير قادرة حتى هلى ان احذرهم فمن هنا من النقب سيهجم الجيش المصرى قاصدا التدمير فيما لو حدث خطأ فى حساباتنا واخذت اسأل نفسى” هل يجب علينا حقا ان نمضى هكذا الى الابد نقلق على الاطفال
والاحفاد نقتل ونقتل؟!
وبدأت معركة سيناء كما هو مقرر بعد غروب يوم 29 أكتوبر وانتهت كما هو مقرر يوم 5 نوفمبر واستغرق الأمر من قوات الدفاع الاسرائيلية 100 ساعة لكى يعبروا ويستولوا من المصريين على قطاع غزة وشبة
جزيرة سيناء وهى منطقة تبلغ مساحتها مرتين ونصف مساحة اسرائيل وكان اعتمادنا على المفاجأة والسرعة واحداث الفوضى الشاملة فى الجيش المصرى ولم ادرك مدى النصر الذى حققناه الا بعد ان ركبت الطائرة
حتى شرم الشيخ فى اقصى جنوب شبة جزيرة سيناء وبعد ان طفت قطاع غزة بالسيارة وكانت هزيمة المصريين كاملة فقد تم قطع الاتصال بين الفرق المصرية الموجودة فى الصحراء وتم تطهير مخابئ الفدائيين واصبحت
مئات الالاف من الاسلحة وملايين القطع من الذخيرة عديمة القيمة وتم تحطي ثلث الجيش لمصرى كذلك اسرنا 50000 جندى مصرى واستبدلناهم بالطبع بالاسير الاسرائيلى الوحيد الذى تمكن منه المصريون .لكنن لم نكن
نريد من مركة سيناء ارضا ولا غنائم ولا اسرى فقد حققنا ما نريده وهو السلام او على الاقل السلام الموعود ورغم ان خسائرنا كانت طفيفة فقد حدتنا الامال بأن يكون قتلانا وعددهم 170 وجرح 80 هو أخر خسائرنا فى
أخر المعارك وكان اصرارنا هذة المرة ان يصل جيراننا الى تفاهم معنا وعن وجودنا . لكن الامور لم تسر على هذا النحو فقد كسبنا معركتنا لكن البريطانيين والفرنسيين خسروا معركتهم بسبب غبائهم وبسبب رد الفعل السلبى الواسع فى كلا البلدين ازاء هجومهما على بلد برئ .واعتقد ان رد الفعل ما كان ليصبح بهذا العنف لو نجح الهجوم الانجلو فرنسى على اساس ان هذا امر واقع ثم تراجع البريطانيون والفرنسيون بمجردان طلبت منهما الامم المتحدة تحت ضغط امريكى
وسوفيتى هائل سحب قواتهما من منطقة قناة السويس كذلك طلبت الامم المتحدة انسحاب اسرائيل من شبة جزيرة سيناء وقطاع غزة ………
وازداد الضغط علينا فاضطررنا للقبول وكان حلفاء الرئيس الامريكى ايزنهاور الاوربيون قد أخفوا عنه كل شئ فهدد غاضبا بأن تؤيد امريكا فرض عقوبات على اسرائيل ان لم تنسحب لكن مصدر الضغط الاكبر جاءنا من
الاتحاد السوفيتى وكنت لا اصدق ان نيكولاى بولجانين سوف يقود العالم الى حرب كبرى بتهديداته المهم اننا وجدنا العالم كلة تقريبا ضدنا ومع ذلك فقد كان رأية الا نسلم دون ان نقاتل
وتوجهت فى ديسمبر 1956 الى الامم المتحدة لكننى قررت قبل سفرى ان اقوم برحلة الى شبة جزيرة سيناء وقطاع غزة وبعد هذة الجولة تجيدت امامى ضخامة الاخطار التى كنا معرضين لها على يد الجيش المصرى فى
سيناء وشاهدت منطقة شرم الشيخ التى اعتقد ان زرقة مياهها تعد اصفى ما رأيت فى حياتى وجبال البحر الاحمر تمتد فى سلسلة تتفاوت الوانها بين الاحمر القانى والبنفسجى والقرمزى وهناك رأيت المدفعية البحرية الجبارة
التى تسببت فى شلل ميناء ايلات ثم طفت بقطاع غزة الذى كان الفدائيون يشنون منه هجماتهم وهناك رأيت اللاجئين العرب فى حالة مؤسفة من الفقر والحاجة اولئك الذين اصر القادة العرب على ابقائهم فى خيامهم وحياتهم
المهينة لكى يجعلوا منهم قضية سياسية فى حين كان الواجب اعادة توطينهم فى اى من دول الشرق الاوسط وهى دول يتكلمون لغتها ويشتركون معها فى التقاليد والدين ثم يستمر العرب فى شجارهم معنا”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.