محمد ماجد بحيري يكتب | الشباب بين التمكين والتهميش

0 722

يُقصد بتمكين الشباب افساح المجال لهم للتعبير عن أنفسهم، وتوظيف قدراتهم، واحترام إرادتهم في التغيير لتفعيل مشاركتهم المُجتمعية، ودفعهم نحو الإنتاج لفتح آفاق واسعة لأفكار ريادية لتحقيق طموحاتهم لتنمية الرغبة لديهم بخدمة مجتمعهم والنهوض به نحو أفضل المستويات، وهذا يندرج ضمن تعريفات عدة لمفهوم التمكين بوجه عام، حيث تداركت الكثير من الحكومات أهمية تطبيق مفهوم تمكين الشباب، وأدى لتطور مجتمعات بأكملها. وقد اهتمت القيادة السياسية بتلك القضية، حتى تُوج بمنتدى شباب العالم الذي أصبح منصة انطلاق عالمية للحوار بين الشباب الدولي على مدار عامين متتاليين، ونعيش أجواء المنتدى الثالث.
البعد السياسي يُعد أحد أهم محددات العلاقة بين الشباب والحكومات والذي يُعبر عنه بمفهوم المشاركة السياسية التي هي جوهر الديمقراطية حتى يكون التمكين مبني على أسس وقواعد سليمة، وبمشاركة الأفراد وقدرتهم على التأثير في صنع السياسات العامة، أما البعد الاقتصادي هو دمج الشباب بالاقتصاد الوطني وسوق العمل من خلال تدريبهم وتجهيزهم عن طريق توفير كل التدريبات والموارد اللازمة لجعلهم قادرين على القيامِ بالعمل المطلوب منهم لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية في إطار خطة التنمية المستدامة، وأخيرًا البعد الاجتماعي الذي يتمثل في تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة والمرأة والانسان بشكل عام، كهدف أساسي لتحقيق التنمية البشرية بكل مقوماتها للتغلب على عقبات المرتبطة بالفقر والتنمية، بمعنى إعداد الشباب وتكوينه كمواطن متعلم يتمتع بالمهارات وتتوافر له فرص العمل والتواصل وتتاح أمامه فرص الاختيار.
في السابق أدى غياب مفهوم التمكين ذاته من خطط الجهات الرسمية إلى عدم تجاوب الشباب مع تلك الخطط لعدم تضمنها الرغبة في التغيير، كما أدى توقف التفاعل مع مشاريع تمكين الشباب إلى تعزيز دافع الإحباط لديهم، وهذا قد ظهر جلياً خاصة في الشق السياسي مما أدى إلى تهكم الشباب على الأنظمة الحاكمة والقيام بحركات التغيير ورفضهم للواقع والتعبير عن آرائهم، كما ولّد عدم معرفتهم بمشروعات الدولة واحساسهم بانعدام القدرة على المنافسة في غياب التحفيز وتضارب المعلومات والتشكيك المستمر، نوعًا ما من ضبابية المستقبل أمامهم، فضلاً عن البيروقراطية المتفشية بسوق العمل، ولذلك يضطرون للسفر للخارج بالطرق الشرعية أو بغير الشرعية، كل هذا أدى لظهور عدة قضايا كالبطالة التي تُولد العنف الشبابي وخاصة بالمناطق العشوائية والفقيرة التي تمارس العنف والبلطجة مع انتشار المخدرات وجرائم أخرى، فجعله يعزف عن أي مشاركة سياسية، في ظل غياب عملية التنشئة السياسية وضعف مؤسسات المشاركة السياسية كالمجالس النيابية والأحزاب، وظهور حالة من التشتت لدى الشباب وابتعاده عن الحياة السياسية وفقدانه الثقة في رجال السياسة، ومحاولات استقطاب واستغلال الشباب لقلة وعيهم وتثقيفهم السياسي، وبطبيعة الحال كان الأخطر هو الانضمام الى جماعات متطرفة يجد فيها ما كان يحلم به من زعامة وقيادة ودور مؤثر في الحياة على حد زعمه.
تمكين الشباب تم ترجمته حرفيًا منذ بداية تدشين البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، وصولاً لمؤتمرات الشباب بمحافظات الجمهورية، التي أفرزت أفكارًا إبداعية انتهت بعدة مشروعات شبابية حدثت على أرض الواقع، كالأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب، ومنتدى شباب العالم، وتقليد كوادر شبابية بمناصب رفيعة المستوى بالوزارات والهيئات، لاسيما تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين التي تُعد من أهم إحدى تلك المؤسسات الوطنية الشبابية، ومؤخرًا تدشين كيان اتحاد شباب الجمهورية الجديدة.
يتم التمكين على أساس رغبة الفرد في الانتماء لمجموعة ما لتنمية هويته، وتطوير قدراته ومدركاته الخاصة، والمشاركة في اتخاذ القرارات، وصنع الأحداث، ونقل الثقافة من جيل إلى جيل، ترسيخا لمبادئ الديموقراطية في سلوك المواطن، ويقابله إدراك واهتمام القيادة السياسية بالتأثير الذي قد يُحدثه الشباب وتهيئة المناخ الملائم لذلك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.