أحمد محسن قاسم يكتب | تطوير الأدوات السياسية لمناهضة الشذوذ الجنسي

0 641

شهد العقد الأخير تحركات منظمة لجماعات ترتبط مصالحها بصور مباشرة وغير مباشرة مع أنماط الشذوذ الجنسي في المجتمعات المحافظة بغرض تفكيك المنظومة القيمية التي تضمن تماسك تلك المجتمعات وتعديل ثقافاتهم التي تتعارض مع أهدافهم الاقتصادية والسياسية .
ولما كانت تلك المجتمعات تظهر اشكالاً متعددة للمقاومة ترفض بها ذلك النمط من الممارسات، فما كان من تلك الجماعات إلا تعديل أشكال الترويج من خلال صناعة الإلتباس حول تلك الممارسات لتسهيل تمريرها من جانب ومن جانب اخر تفكيك لعناصر المقاومة المجتمعية.
وفي دراسة ظهرت حديثاً من مركز الجيل للدراسات السياسية والإستراتيجية التابع لحزب الجيل الديمقراطي بمصر، تم رصد استراتيجيات وتكتيكات جماعات الترويج للشذوذ الجنسي وطرحت أدوات جديدة للنخبة المصرية لدعم مواقفها المناهضة لتلك المخططات الترويجية نتناول بهذا المقال بعضاً من عناصرها.
وقد جاء بالدراسة رصد لكيفية صناعة الإلتباس لمفاهيم المقاومة المجتمعية التي تتمثل في الرقابة المجتمعية التي من خلالها تتمكن المجتمعات من فرز وتقويم وإقصاء العناصر الفاسدة تحت مصطلح غريب على المعجم العربي وهو ” التنمر” فأعطته المنظمات الدولية الداعمة ذات المعنى لمفهوم السخرية والتنابذ بالألقاب، لتبتعد به عن المعنى والمعالجة الدينية ليكون اللفظ المعبر فضفاضاَ بلا مرجعية دينية أو محددات تميز بين الفرز الإيجابي لضمان سلامة المجتمعات وقبول أي عنصر فاسد المسلك والتوجهات، وبالتالي تتمكن العناصر الفاسدة من الإنتشار والتوغل في جسد المجتمعات.
كما رصدت الدراسة تغيير جماعات الترويج للمصطلح المعبر عن الشذوذ ليكون “المثلية”، للتسهيل النسبي للتمرير بإعتبار مصطلح الشذوذ يقصد به الخروج عن الطبيعة البشرية والأصل الطبيعي، وبالتالي يحق للمجتمعات لفظ ورفض ذلك الخروج، بينما مصطلح “المثلية” هو مصطلح يعبر فقط عن نوع من البشر أو الميول بحيث يكون تقسيم الناس داخل المجتمعات لشخص “مثلي الميول” وشخص ” مغاير الميول” وهو الامر الذي مع تطور ثقافات المجتمعات بفضل العولمة والحملات المساعدة على عناصر أخرى ذات صلة، يتم تثبيت مفاهيم إعتبار الأفراد الشاذين أقلية وجزء مكون للمجتمع، فضلا عن الابتعاد خطوة أخرى عن المصطلح الديني ” اللواط ” بما يحمله في طيات معناه من حكم متفق عليه في الأديان السماوية الثلاثة بقتل من يقوم بتلك الممارسات.
وقد رصدت الدراسة العلاقة العكسية بين سلامة منظومة الاسرة كخلية مكونة للمجتمع وبين تأثير بروباجندا الدعم للشذوذ الجنسي، فكلما تماسكت مكونات وعناصر الأسرة بإعتبارها إطار حاكم لعلاقة الرجل بالمراة والقناة المشروعة للنشاط الجنسي داخل المجتمعات،كان الترويج أكثر صعوبة، مما يستدعي تفكيك الاسرة بصناعة إلتباسات أخرى تفككك من القيم المعنوية التي تجعل من الأسرة كيانا أكثر صلابة، فعلى سبيل المثال فإن نمط تكوين الاسرة في المجتمعات الشرقية يقوم على تكامل الأدوار، لذلك فإن تغيير المفاهيم المؤسسة للأسرة الشرقية يجب ان تتحول من علاقة التكامل إلى علاقة شراكة ومساواة وندية ،فتتفكك الأسرة بهدم القيمة التي تعمل على تماسكها ويسهل الترويج للشذوذ بعد غياب دور الأسرة في الرقابة على الأبناء في وسط الخلافات والنزاعات في الأدوار وتقديم نموذج ضعيف وسئ للأبناء عن علاقة الرجل بالمرأة من جانب، ومن جانب أخر التاسيس لمفهوم أن المرأة مثل الرجل في الحقوق والواجبات مما يسهل معه مع تطور المجتمعات وضغط البروباجندا سهولة إستبدال المرأة بالرجل والرجل بالمرأة في تكوين الاسرة، وهو أحد الحقوق التي تقر للشواذ داخل المجتمعات التي تقبل تلك السلوكيات بالتدريج ، وقد رصدتها الدراسة في طياتها والتي تبدأ بعدم التجريم وتنتهى بخدمة الشواذ في القوات المسلحة وصفوف الشرطة مرورا بالحق في الزواج والحق في التبني.
وفي أجزاء الدراسة، تم رصد مدى ضعف أساليب مقاومة النخبة المصرية لحملات الترويج للشذوذ الجنسي حيث نتج عن الرصد إنحصار المعالجة المناهضة في استخدام الدين واحكامه والتهكم والسخرية للتعبير عن عدم معقولية قبول تلك الممارسات ، فوضعت الدراسة أدواتاً جديدة تتمكن بها النخبة والمثقفين من تطوير أدوات المقاومة بما يمكن المجتمع من التصدي وعدم التأثر بحملات البروباجندا، ولكن هذا موضوع مقال أخر.

* أحمد محسن قاسم، أمين تنظيم حزب الجيل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.