داليا فكري تكتب | الدراما والمسكوت عنه

0

توريث النساء.. تمكينهن.. الختان.. التعدد.. الوصاية: قضايا اجتماعية تطرقت إليها الدراما الرمضانية هذا العام، لتخاطب الوعي الجمعي لدى جمهور المتلقي بأهميتها وكشف الستار عن حساسية تناولها للمساهمة في وضع حلول لتلك القضايا المجتمعية.
لن ننكر أن سلاح الفن هو الفيصل في تغيير الوعي والداعم في اتخاذ قرارات مصيرية بناءا على قياس رضى الجمهور عن تقبل الطرح أم لا، فالدراما قادرة على مخاطبة كل فئات المجتمع باللغة الأقرب إليهم، والأفضل في التناول، فنجد الرسالة تصل بسرعة البرق لا يوقفها قانون ولا أغلبية، بل يتشربها الوجدان بمجرد أن يقتنع، وبمجرد أن تدغدغ مشاعره وعاطفته ويصر أن يتابع ويشارك.
فنعيش الأحداث واضعين أنفسنا محل الحبكة الدرامية مشاركين باستنتاجاتنا في وضع النهاية وربما إثارة الجدل، والمعول في ذلك هو كيفية وضع معالجة درامية مبهرة تحرك الأحداث لخدمة القضية المطروحة، وتلقي الضوء على الأزمة دون أن تخلق أزمة.
في حقيقة الأمر كون التفكير في تكثيف جرعة القضية المطروحة في أكثر من عمل درامي (كحق المرأة في الميراث) هي فكرة عبقرية لمقدم الدراما، للتأثير على الرأي العام وجس نبضه، وهذا ما نراه نجاح في حد ذاته، وهو توصيل التوعية في ثوب التجسيد، ونراها أمامنا مجسدة من دم ولحم ومشاعر نتفاعل معها وتتفاعل معنا، تتملكنا كمتلقيين فنستوعبها كغيورين لصنع غد أفضل فيه تُخَدِم القوى الناعمة على مطالباتنا بقوانين منجزة، لقضايا المرأة المؤجلة كطرح قضية وصاية الأم على أبنائها وتمكينها من مناصب قيادية كانت حكرا على الرجل، والتأكيد على خطورة بعض القضايا ودعوة للتذكير بها كالختان وعقوبته، والتفكك الأسري وأثره على النشء.
وبما أننا نتطرق للمسكوت عنه بأذهان متفتحة فأتمنى أن يأتي اليوم الذي أري فيه.
كل عمل درامي متضمن بعض المشاهد الخلابة لمصرنا الجميلة وطبيعة موقعنا الفريد للترويج السياحي.
وألا يخلو عمل درامي من بعض النماذج الايجابية المؤثرة من شبابنا ونسائنا وعلمائنا وشيوخنا ورهباننا لتعميق الولاء وتغيير الصورة الذهنية التي رسختها من قبل دراما سقطت في بئر العشوائية.
ألا يخلو عمل درامي من التلويح بريادتنا في التذوق الفني للأدب، والرسم، والموسيقى، والنحت، والرياضة، والمسرح، وغيرها ولو حتى بمشهد أو لمحة نوستاليجا.
وبالطبع.. أتمنى أن تنقشع غمة البلطجة والعشوائية المؤذية للعين، والألفاظ الجارحة للبراءة، والمشاهد المقززة في التكوين الدرامي، وطريقة الكلام المنفرة التي سطت على مسامعنا كالسياط آكلة الشموخ والعزة.
ونتمنى أن يصبح المسكوت عنه صوت جلل تناقشه الدراما بوعي أكبر قادر أن يرتقي بجيل جديد غاب عنه تنسيق ورمزية زمن الأبيض والأسود وأفقدته ثورة التكنولوجيا بوصلة أجداده العظماء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.