د. كريم عادل يكتب | مصر وبريكس.. ماذا بعد؟ (1 – 2)

0 143

فرحة عارمة، عمّت الشارع المصري، والوسط الاقتصادي، بعد إعلان دول بريكس، دعوة مصر بشكل رسمي، للانضمام للتحالف بدءًا من شهر يناير 2024. ولكن حتى نكون أكثر واقعية، وحتى تكون كلماتنا التي نكتبها مفيدة، هناك سؤال يجب طرحه … ماذا بعد انضمام مصر إلى تجمع “بريكس”؟ هل حقًا ستنتهي أزمة الدولار في مصر؟ وهل مصر لديها احتياطات متنوعة من عملات الدول أعضاء التجمع حتى يكون التبادل التجاري معها بعيدًا عن الدولار؟
أولًا، وبشكل واضح وصريح، لن تنتهي أزمة الدولار في مصر بعد الانضمام إلى دول بريكس، وأبرهن على ذلك بعدة نقاط، منها، أن الميزان التجاري الخارجي لمصر، لا يزال في نطاق العجز، وهذا يعني أن الواردات تفوق بكثير الصادرات المصرية، وبشكل قاطع، لن تنتهي أزمة الدولار في مصر، حتى يتحول عجز الميزان التجاري، إلى فائض.
ثانيًا، ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت قيمة صادرات مصر إلى دول تجمع بريكس منذ عام 2009، وهو أول عام يُعقد فيه التجمع اجتماعه منذ بداية المناقشات عام 2006، بلغت 251.1 مليار دولار، في حين بلغت قيمة الصادرات 45.5 مليار دولار خلال نفس الفترة، هذا يعني، أن الميزان التجاري لمصر مع دول بريكس، يمثل عجزًا بقيمة 205.6 مليار دولار.
هنا يأتي سؤال آخر، هل تكمن مشكلة مصر في عدم توافر الدولار فقط، في حين أن عملات الدول أعضاء بريكس، متوفر في سلة العملات لدى البنك المركزي المصري، حتى تستطيع مصر تنفيذ معاملات تجارية مع الأعضاء بالعملات الوطنية بعيدًا عن الدولار؟ هل تتمتع سلة العملات المصرية بوفرة من اليوان والروبل والروبية؟ أضرب لكم مثالًا بسيطًا، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت قيمة صادرات مصر إلى الصين 10.1 مليار دولار، منذ عام 2009 وحتى عام 2022، في حين استوردت مصر من الصين ما قيمته 123.6 مليار دولار خلال نفس الفترة.
حتى تستطيع مصر تنفيذ معاملات تجارية مع الصين بالجنيه واليوان، يتعين على مصر توفير مبالغ طائلة باليوان، على الأقل قيمة تعادل الفرق بين الصادرات والواردات. ونقيس على الصين، الدول الباقية أعضاء بريكس.
لكن، لا ننكر أن انضمام مصر إلى بريكس، هو خطوة جيدة في مسار السياسة الخارجية المصرية، ويُعد من أهم ثمار الدبلوماسية الاقتصادية المصرية، ولكن يجب أن نكون أكثر واقعية.
مما لا شك فيه، أن انضمام مصر إلى تجمع “بريكس” يُعد انعكاس لنجاح جهود السياسة الخارجية، والدبلوماسية الاقتصادية للدولة المصرية، التي تُعد أولوية سياسية، فقد تم إدارة ملف الدبلوماسية الاقتصادية بكفاءة، للاستفادة من علاقات مصر المتميزة مع دول العالم، بعد أن تم تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية والثلاثية ومتعددة الأطراف على مدار السنوات الأخيرة، والتي تعد جوهر السياسة الخارجية للدولة المصرية، التي تدعم في نهاية المطاف الاحتياجات والمستهدفات طويلة الأجل للدولة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.