رامي جلال يكتب | بين نفاق ثورة يناير وشتمها

1 624

اليوم هو ذكري ثورة يناير، وهو يوم يتجدد فيه سجال تعيس عن هل هو عيدًا للشرطة المصرية أم الذكري السنوية للثروة. عمومًا، وكإجراء احترازي، اذكروا محاسن ثوراتكم.
تسلسل أحداث يناير يكشف لنا بسهولة طبيعتها ويوضح أن ما يحدث، من حين لآخر، الآن هو مناقشات على سبيل قتل وقت الفراغ من أناس لا يريدون العمل للمستقبل ويفضلون الظهور الإعلامي والشهرة الزائفة على منطق العقل الذي لو استخدمه جمهورهم لثاروا عليهم ثورة ينايرية جديدة.
المقارنات الساذجة بين ثورتي 25 يناير و30 يونيو، يهدف بها البعض إدخالنا في إشكالية “بتحب مين أكتر: بابا ولا ماما؟”، ونحن شعوب لا تفضل التفكير عمومًا فما بالك لو كان تفكيرًا مركبًا؛ فمن يحب الأهلي يكره الزمالك، ومن يعشق “طلال مداح” يبتعد عن “محمد عبده” وهكذا، وكأن “ليلي مراد” هي الوحيدة التي تحب اتنين سوا!
بدأت يناير كمظاهرات عادية. لم يتحدث أحد في البداية عن “ثورة”، ولكن نجاح الشعب التونسي في تغيير قيادته، وكذلك التفاعل الرسمي البطيء في مصر، رفعا سقف المطالب.
ثم تجلت الأعمال التآمرية المدبرة بوضوح في “محرقة أقسام الشرطة” يوم ما اسموه “جمعة الغضب” (انضمت لها بالفعل قطاعات من الشعب أصحاب الثأر مع بعض أجهزة الدولة آنذاك). وكذلك موقعة الجمل أوائل فبراير والتي أجهضت الآثار الإيجابية للخطاب العاطفي لمبارك. بعدها، وطوال فبراير، كنا بصدد الحديث عن ثورة شاركت بها نسبة بنقاء نفس، ونسبة أخري بغرض الانقضاض علي الدولة باستخدام النسبة الأولي. وهكذا مثلت ثورة يناير لبعض التيارات كلمة حق يراد بها باطل.
يناير هي ثورة شعبية لم يشارك بها بالفعل غالبية الشعب، وهذا طبيعي في أي ثورة؛ حيث تقوم بها في البداية طليعة من الشعب إلى أن ينضم لها الأغلبية (قارن بين أعداد المصريين في الشوارع يوم التنحي وقبله بيوم واحد). كما أنها لم تفرز أي شيء سيئ ولكنها كشفت النقاب عما كان موجودًا أصلًا.
يمكن التأريخ لنهاية أحداث ثورة يناير مع استفتاء مارس، وهو بداية انقضاض تنظيم الإخوان الإرهابي على الدولة. كنت تشعر بعده أن كل شيء يترنح، لكن ظل النشطاء يرددون شعار “الثورة مستمرة” وكأنه معادلًا موضوعيًا لصيحة “أنا جدع”!
وقت طويل مر، بما يكفي لبدء التأريخ والشهادة لما حدث في السنوات العشر الأخيرة، الكل لديه قصص وحكايات، لكن الشيء الوحيد المؤكد هو أننا عشنا لسنوات، كان أهم سبوبتين فيهما هما نفاق ثورة يناير وشتمها! فدعونا نُحكم العقل قليلًا.

تعليق 1
  1. Rihab يقول

    تناول رائع وتحليل منطقى متزن

رد على Rihab
إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.