رحمة فتحي تكتب | المقاومة الثقافية الفلسطينية .. سلاح الإنسانية

0 201

في يوم قال كيان الإحتلال الصهيوني من المستحيل أن تصبح فلسطين أمة ثقافية أو أدبية ولكن لا يعلمون أن الفلسطينيين صنعوا المقاومة الثقافية لتصبح مثال للحريات ،الانسانية ومقاومة العدوان، وما زال إلى اليوم يُمنع دخول كُتاب فلسطينيين إلى أرضهم، حتي لو كانوا يحملون جنسيات آخري.
ولأن الثقافة والكتابة من أقوى الأسلحة قتلوا الصحفي غسان كنفاني بتفجير سيارته في بيروت، لأنه ارتقى بالكلمة الفلسطينية، وبالأدب الفلسطيني وكشف قصص تهجير الفلسطينيين بعد النكبة.
وحين سأل يوماً الشاعر الفلسطيني محمود درويش سؤالاً شعرياً، ما الذي جعل غزة أسطورة؟
كتب فيها قصيدة لا مثيل لها، من دون أن يمجّدها كما يظن البعض، واصفا إياها بالمدينة التي لا تجيء إلى أحد، فلا خيول لها ولا طائرات، ولا عصا سحرية، لكنها أسطورة منذ أن حرّرت نفسها منّا، من لغتنا وصفاتنا، وأنها لم تتحوّل إلى وظيفة، ولم تتأهّب لعدسات التصوير، ولم تضع معجون أسنان، فغزة من مواليد النار، بينما نحن من مواليد الانتظار والبكاء على الديار.
وهناك جبرا إبراهيم جبرا الذي غادر القدس ومنزله في حي القطمون منذ 1948 هارباً مع عائلته إلى بغداد، وأصبح يكتب هناك ويهتم بالحداثة وفن التراث، ومنتجا غزيراً للرواية والشعر واللوحات، كانت ثقافته الموسوعية تمتد من العالم العربي إلى عالم الأدب الأوروبي والغربي، فكانت رسالته استثماراً غنياً وذكياً لوطنه فلسطين.
وتأتي الكاتبة الفلسطينية سعاد العامري، وهي التي اشتهرت بكتابها “شارون وحماتي” وكتاب “غولدا نامت هنا” كتبت قصصا مؤلمة قلة اهتمت بها، بعد أن قامت بجمع القصص الحقيقية لأشخاص طردوا من أرضهم وديارهم وخسرواً منازلهم، وعن آلاف الضحايا وهم يخرجون من بيوتهم قبل وطنهم منذ 1948.
ولهذا، ازدادت أهمية تعزيز المقاومة الثقافية، التى كانت موجودة فى مختلف المراحل، ولكنها بقيت على الهامش، إلى أن باتت هى الملاذ. ففى مراحل التراجع، حين تتعاظم الأخطار، يصبح الحفاظ على الهوية هو السبيل إلى الصمود فى مواجهة سعى المُستعمر إلى إضعافها، بعد أن أحكم سيطرته على الأرض.
وتتجلى مقاومة الفلسطينيين الثقافية فى أشكال شتى كانت بدايتها الأولى مع حكايات الأمهات والجدات لأبنائهن وبناتهن عن الوطن الذى اغتُصب، والبيوت التى سُلبت. تعودت أمهات توريث مفاتيح بيوت عائلاتهن القديمة التى سلبها الاحتلال إلى الأبناء والبنات جيلاً بعد جيل، ومعها ثقافة هذا الوطن وتاريخه.
إنها المقاومة الثقافية التى تملأ فراغًا ترتب على تعثر أشكال المقاومة الأخرى لتبقى القضية حيةً، وإنها لباقية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.