رشا كليب تكتب | البرلمان والسينما

2 1,252

عرفت السينما دائماً أنها فن الواقع، وتجسيد قضايا المجتمع، وبما أننا أصبحنا نحيا ونتنفس بالسياسة، فلم يخلو فيلم أو عمل سينمائي من الإسقاط المباشر أو غير المباشر على قضايا سياسية.

وكان للبرلمان نصيبا غير هين من هذا التناول، فشخصية النائب البرلماني ظلت مُوَّقرة ومُهابة، وتحظى بانطباع لدى فئات المواطنين بأنها صاحبة الوجاهة الإجتماعية التي يصعب المساس بها، وهذا ما جسدته السينما منذ العمل الفني الأول الذي تناول شخصية عضو مجلس النواب وحمل اسم أنشودة الفؤاد سنة 1932 ، واستمرت هذه الصورة لفترة كانت أكثر النماذج فيها سوءًا من نصيب الفنان زكي رستم في فيلم نهر الحب، حيث أتقن دور عاشق السلطة لدرجة التضحية بحياته الشخصية في سبيل الحفاظ على هذا المنصب.

ومع بداية السبيعنيات تحولت هذه الصورة إلى النقيض فأصبحت شخصية نائب البرلمان مجالًا للنقد والسخرية، وتربع على عرشها الزعيم عادل إمام فادي شخصية فتحي نوفل المحامي الذي أدرك أن السياسة لعبة مصالح، فسعي لعضوية مجلس الشعب لاستغلال نفوذه في تحقيق أهدافه، وذلك عبر فيلم نور الظلام.

وتناول أيضًا شخصية المرشح البرلماني بشكل ساخر خلال فيلم الجردل والكنكة، والذي رصد آليات الدعاية والسمسرة وشراء الأصوات، وقدم نموذجًا واضحًا لرجل الأعمال الذي يستغل أمواله للحصول على النفوذ وحصانة المجلس.

بالإضافة لفيلم اللعب مع الكبار والذي تناول نموذج آخر لفساد نائب البرلمان الذي يستغل حصانته في تهريب المخدرات، وكان مرجان أحمد مرجان رجل الأعمال الذي يجد في ماله وسيلة لشراء كل شئ، منها ذمم الآخرين حتى يشتري به عضوية مجلس النواب.

كما ألقي فيلم الجزيرة الضوء على نائب مجلس النواب الذي يعد بمثابة موظف لدى العائلات والقبائل الكبيرة في الصعيد، فيحصل على دعمهم مقابل تسهيل تجارات ممنوعة، وتوالت الأعمال السينمائية التي سلطت الضوء على نواب البرلمان

فتناولت أفلام عمارة يعقوبيان وصرخة نملة وفي محطة مصر القضايا نفسها

ورصدت ظاهرة المال السياسي واستغلال النفوذ وغيرها، فقدمت مشاهد ليست بالبعيدة عن الواقع السياسي في تلك المرحلة.

وللأسف لم تحظ المرأة كنائبة فى البرلمان بتمثيل على شاشة السينما سوى مرتين الأولى شخصية عديلة في فيلم الجردل والكنكة والتي جسدتها الفنانة شريهان والتي ترشحت للانتخابات من أجل نيل شقة للزواج فيها، والثانية كانت بطولة الفنانة إلهام شاهين في فيلم “موعد مع الرئيس”، لتقدم دور نائبة في البرلمان من المفترض أن تلتقي مع رئيس الجمهورية، لحل بعض قضايا الفساد، وقد كان هذا العمل صورة أخرى من صور أعضاء مجلس النواب والتي جسدته سيدة، ليُظهر أن الأمر لا يحتوي على الفاسدين فقط ولكن أيضًا هناك من هو شريف يحاول الوصول إلى الحقيقة.

أتصور أن الأعمال السينمائية القادمة ستختلف في تجسيدها

لشخصية نائب البرلمان عن سابقتها، حيث ستتناول البرلمان بمفهومه الجديد، وسياسته الجديدة، والأيديولوجيات المتنوعة والمختلفة التي تعبر عنها الكيانات السياسية والأحزاب والمستقلين بمجلس النواب الحالي، كما أنها ستسلط الضوء على نائبات مجلس النواب المصري بصلاتهن وجولاتهن تحت القبة وفي الميدان مع المواطنين، لتعكس العصر الذهبي للسيدات في ظل الجمهورية الجديدة

* رشا كليب، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.

2 تعليقات
  1. محمد مصطفى مدني يقول

    مقال رائع خالص الشكر الجزيل

  2. محمد مصطفى مدني يقول

    فعلا السينما مرآة الواقع لابد من الحديث عن دور المرأة في البرلمان وغيرها من الميادين الهامة في الحياة

إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.