ريهام الشبراوي تكتب | عندما ثار الشعب

0 482

ما زالت الصورة حاضرة، شباب يطلق دعوة للتمرد على حكم جماعة الإخوان، تلقى الدعوة قبولاً منقطع النظير من الشعب، فينضم إليهم الملايين، ثم تنتشر الفكرة في محافظات مصر، ليوقع الكبار والصغار على استمارة ما زالت خاناتها عالقة في الأذهان، تتحول الدعوة إلى ثورة، ثم تعم الثورة البلاد، عشرات الملايين في الشوارع، أقسموا ألا يعودوا إلى منازلهم إلا إذا عادت مصر المخطوفة من الجماعة الإرهابية، وبعد يومين فقط. التقط الشعب أنفاسه، وعادت مصر، وكانت قيادات الجماعة تظن أنها لن تعود.

مشاهد سبقت ثورة ٣٠ يونيو ما زالت هي الأخرى عالقة في الأذهان، أبرزها كانت في ستاد القاهرة، في أثناء احتفال الجماعة الإرهابية بانتصارات أكتوبر، وفي مقدمة الصفوف كان يجلس قتلة الرئيس السادات صانع النصر الذي يحتفلون بذكراه، هذا المشهد كانت تفاصيله مخيفة، وردود فعله كانت مؤشراً على عزل الشعب لجماعة الإخوان، ثم كان مشهد المطالبة بسرعة التدخل لإنقاذ مصر، ما زلنا نتذكر تفاصيله، ذلك المشهد الذي جمع وزير الدفاع في ذلك الوقت المشير عبد الفتاح السيسي بعدد كبير من الإعلاميين والفنانين والمثقفين، حيث طالبه الجميع بسرعة التدخل لتخليص الشعب من حكم الإخوان، ثم تحولت المطالبات بعد ذلك إلى صرخات، أما مشهد الاتحادية فكانت تفاصيله مخيفة، فقد ظهرت ذئاب الإخوان على حقيقتها، واعتدوا على الجماهير بقسوة، عذبوا الناس، وسالت الدماء في الشوارع، وأصبحت المطالبات بأهمية الثورة حتمية، ثم كانت مطالبات جبهة الإنقاذ التي لم تتوقف اجتماعاتها، والتي تلاقت مع مطالبات الجماهير بضرورة الخلاص من حكم الإخوان، ثم كانت ثورة ٣٠ يونيو، التي علت فيها كلمة الشعب، ثم جاء دور الجيش منحازاً لشعب خاف على مستقبل بلاده، وجاءت لحظة الخلاص التي إنتظرها الشعب، لتعود مصر التي يعرفها شعبها بعد اختطاف دام عامًا.
ثورة ٣٠ يونيو كانت الأهم في تاريخ مصر، وكانت ملهمة لشعوب أخرى تخلصت من حكم جماعة الإخوان، لذلك ستظل ذكراها راسخة في وجدان المصريين.
من الثورة الملهمة إلى الرئيس الذي اختاره الشعب، حيث استطاع الرئيس السيسي أن يُعيد إلى مصر مكانتها، وأن يعيد بنائها، ليضعها على أعتاب جمهورية جديدة بعد أن أنهكتها الفوضى، ونال الإرهاب من خيرة شبابها.
بنية تحتية متهالكة، وطرق تم تنفيذها وفقاً لمعايير عالمية، ومدن جديدة، ومشروعات تليق بمصر، ثم امتدت يد الدولة إلى ريف مصر، فكانت (حياة كريمة) التي نهضت بالبسطاء لتضعهم على قائمة اهتمامات الدولة، فلا فرق في الحياة الكريمة بين مواطن الريف ومواطن المدينة.
مئات المليارات تم إنفاقها، كانت نصيب البنية التحتية فقط منها خمسمائة مليار دولار، ومشروعات أخرى كثيرة لم يتوقف العمل فيها رغم تأثر الاقتصاد العالمي بجائحة كورونا وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية.
مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو جديدة في كل شيء، خطواتها ثابتة وراسخة، ووضعها الدولي مختلف، ومكانتها الطبيعية عادت إليها، لذلك سيظل الاحتفال بالثورة فريضة على كل من ضاقت صدورهم بفترة حكم الإخوان، وستظل أحداثها ملهمة للعالم، فالشعوب التي لا ترى خيرًا في حكامها. تتمرد، ثم تثور، ثم تطيح بالحاكم وبطانته، وفي ٣٠ يونيو، تمردنا، وثورنا، فأطحنا بجماعة الإخوان ومن يمثلها، وها نحن نحتفل بذكرى ثورة ستظل علامة في تاريخ مصر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.