عبد الله البراوي يكتب | مائة عام على الاستقلال

0 518

مائة عام على استقلال أقدم حضارة في تاريخ البشرية. مئة عام على بزوغ الهوية المصرية. مئة عام على استقلال مصر القديمة، أو كما أطلق عليها المصريون القدماء كيميت، وتعني الأرض السوداء كناية عن وفرة الخير في رواسب شريان الحياة نهر النيل الطينية.
يجب أن نعلم ونعي أن الهوية المصرية تمرض ولكن لا تموت أبدًا، وهذا ما تم على مر العصور من بداية قيام الحضارة المصرية القديمة حتى وقتنا هذا ويرجع تاريخ مصر إلي نحو 3200 قبل الميلاد وقد شهد العالم على ما أضافته الحضارة المصرية القديمة الكثير من التراث الإنساني العالمي فقد شهد وادي النيل إنشاء أول سلطة مركزية في التاريخ وأيضا إلى معرفة الكتابة والمساهمة في ابتكار والإبداعات في العديد من العلوم ومنها الحساب والهندسة ولن يأتي في هندسة وإبداعات الأهرامات وأيضا في إبداعات الطب في التحنيط والتشريح وأيضا في الفلك ومعرفة التقويم والتفكير في البعث بعد الموت والثواب والعقاب.
يعلم العالم كله ما قدمته مصر القديمة في الكثير والكثير في شتى العلوم، وشهدت مصر تطورات كثيرة في عصر الدولة الوسطى (2040-1640 ق. م) وأيضًا في عصر الدولة الحديثة وجاءت بعدها فترة المرض التي عانت مصر منها وبداية الغزوات علي مر الزمان فبدأ غزو الفرس لمصر.
نجحت مصر في العصر اليوناني، الذي تأسس على يد الإسكندر المقدوني، في طرد الفرس من مصر عام (333ق. م) وجاء بعدها العصر الروماني عندما دخل الرومان مصر العام (30ق. م) ولم يكتفوا بذلك بل صارت مصر من أهم ولايات الإمبراطورية الرومانية نظراً لأهميتها الاقتصادية عند الروم، وجاء بعد العصر الروماني العصر القبطي حيث دخلت المسيحية مصر في منتصف القرن الأول الميلادي وذلك بدخول القديس مرقس إلى الإسكندرية وتأسيس أول كنيسة في مصر بل في افريقيا بأسرها، وجاءت بعدها الفتح الإسلامي عندما دخل الاسلام مصر في عهد الخليفة الإسلامي عمر بن الخطاب وبقيادة عمر بن العاص عام 641م وشهدت مصر خلال فتره الحكم الغربي الإسلامي تقدماً في مجالات العمران والفنون مثل العمارة والزخارف والنقوش الاسلامية والطراز، كما تم بناء العديد من المساجد والقلاع والأسوار وكان يوجد عدة عهود جاءت بعد الفتح الإسلامي ومنها عهد الدولة الأموية يليه الدولة العباسية وجاء بعدها عهد الدولة الفاطمية عام 968م/ 358 ه‍ وبعد وفاة الخليفة الفاطمي العاضد سنه 1171م والتي تلتها وفاة نور الدين زنكي أصبح صلاح الدين الايوبي سلطاناً علي مصر عام 1174م/ 570ه‍ ف استقل بها وكانت بداية الدولة الأيوبية، وجاءت بعدها الدولة المملوكية في عام 1250م بعد الغزو العثماني المصري بعد معركة الريدانية سنة 1517م/ 923ه‍ وكان يتعرض الوطن العربي منذ بداية العصر الحديث للعديد من محاولات السيطرة الاستعمارية علي بحاره وسواحله فلم تسلم مصر من غزو الحملة الفرنسية عندما وصل نابليون الي الإسكندرية في يوليو/ تيموز 1798م وكان هدفه قطع الطريق بين بريطانيا ومستعمراتها في الشرق فكان لبريطانيا رداً علي ما فعلته فرنسا معها حيث أنها اتفقت مع العثمانيين علي طرد الفرنسيين من مصر وترجع مصر مره اخري تحت رعايتها وقد تم بالفعل طرد الفرنسيين من مصر عام 1801م ورجعت مصر تحت ما يسمونه الخلافة العثمانية مرة أخرى ولكن كانت هناك خلافات كثيره بين المماليك والعثمانيون وعندها صدر فرمان السلطان بتعيين محمد علي قائد الجنود الألبان عام 1805م ومن أشهر الأحداث التي تمت في عهد محمد علي هي مذبحة القلعة في عام 1811م وجاء بعدها الاحتلال البريطاني عام 1882م وكانت تتميز هذه المرحلة بخضوع مصر من الناحية الاسمية للسيادة العثمانية لكنها عمليا كانت تخضع لقوات الاحتلال البريطاني، وكانت هناك مساوئ كثيره عن الاحتلال البريطاني وكانت أشهرها هي حادثت دنشواي المأساوية عام 1906م التي تبين فيها فقدان الجانب الإنساني والأخلاقي عند السلطات البريطانية، وكان لمصطفى كامل باشا رئيس الحزب الوطني دور رئيسي في إبراز ما شارة إليه الأوضاع في ذلك الوقت وكانت تلك الحادثة سببًا في عزل كرومر، وفي عام 1914م اشتعلت الحرب العالمية الأولى فأعلنت بريطانيا الحماية على مصر منتهية بذلك تبعيتها للدولة العثمانية التي تعاونت مع ألمانيا ضد بريطانيا. وكانت بريطانيا محتلة مصر اسمياً وفعلياً ذلك الوقت حتى تم توقيع المعاهدات المصرية الإنجليزية لعام 1922م على أن مصر دولة مستقلة وحصلت مصر على استقلالها الكامل عام 1934م بخلاف وصاية الإنجليزي على منطقة قناة السويس حتى عام 1956م عندما أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر انتهاء وصاية الإنجليز على قناة السويس تم بعدها إعلان مصر دوله مستقلة وكان نظام حكم لها بعد الاستقلال هو نظام ملكية دستورية وراثية وتحول لقب والي مصر من السلطان فؤاد الأول إلى الملك فؤاد الأول في 28 فبراير عام 1922م وظل يحكم المملكة المصرية حتى وفاته عام 1936م ثم تولي ملك المملكة المصرية وريثه الملك فاروق الأول وهو في السادسة عشر من عمره حتى قيام ثورة 23 يوليو التي جعلته يتنازل عن العرش لوريثه الملك الرضيع أحمد فؤاد الثاني آخر حكام مصر على النظام الملكي عام 28 يوليو عام 1952 وانتهى في أقل من عام وانتقل حكم البلاد لحركة الضباط الأحرار تحت قيادة محمد نجيب وجمال عبد الناصر وألغى الضباط الأحرار رسميا نظام الملكي وأعلنوا مصر جمهورية في 18يونيو 1953م وظلت مصر على النظام الجمهوري حتى وقتنا هذا، وعلى الرغم من الصعوبات التي مرت بها مصر في الأوقات الأخيرة ورغم هذا كله فإن الهوية المصرية تميزت في الأوقات الأخيرة ولم تمت أبدا وتم إعلان الجمهورية الجديدة بأفكار واستراتيجية تواكب العصر الحديث وتواكب التقدمات العالمية في إطار التطوير والتميز في 9 مارس 2021م وهذه خطى النجاح التي يخطو عليها الشعب المصري واسترجاع الهوية المصرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.